صار الهمّ همّين إنتخابيين: هم الإستحقاق الرئاسي وهمّ الإستحقاق النيابي بدءاً من شهر نيسان المقبل وبقدر ما يبدو الهم الأوّل متعثراً بقدر ما يبدو الهمّ الثاني مستبعداً.
وفي تقديرنا أن لا إنتخابات نيابية في الربيع المقبل. والبلد مقبلٌ على فراغ في فراغ… ليس لأننا نقرأ في فنجان أو نضرب بالرمل ونرمي المندل، بل لأننا نقرأ في الواقع.
بداية لابدّ من هذا الإستدراك:
لن يحين موعد إجراء الإنتخابات النيابية إلاّ ويكون وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق قد أعدّ له العدّة الكاملة… كما لو أن الإنتخابات ستُجرى على تمام التمام. وبالتالي فالمسألة محسومة لهذه الجهة. وتجربة المشنوق مع الإنتخابات البلدية الأخيرة هي التي تشهد له. وعليه فالمسألة ليست عنده. إنما هي في أمكنة أخرى:
أولاً- الإنتخابات النيابية ستكون مكلفة جداً على الصعيد المالي. وهذه الكلفة ستكون ثقيلة على الأطراف كافة وإن كانت أثقل على البعض منها على البعض الآخر. وفي غياب الفلوس لن تحضر العروس.
ثانياً – ليس من يُنكر أنّ المزاج الشعبي متغيّر كثيراً هنا وهناك وحتى »هنالك« حيث تكشفت الإنتخابات البلدية والإختيارية عن حقائق مؤلمة لكثيرين، لم يصحوا من دويّختها بعد.
ومن هذا المنطلق لن يكون من السهل على معظم الأطراف أن تركب هذا المركب الخشن الذي لا يُعرف، سلفاً، في أي شاطىء سيرسو، في أي أجواء وأنواء.
ثالثاً – لن تكون التحالفات متيسّرة بين حلفاء عديدين، والأمثال كثيرة. نكتفي بالإشارة الى كيفية تعامل القوات اللبنانية (على سبيل المثال لا الحصر) بين تحالفها القديم والدائم مع تيار »المستقبل« وتحالفها المستجد مع التيار الوطني الحرّ. علماً أنّ غير قيادي بين القوات والوطني الحر يقول ويكرر ويجزم ويحسم بأنّ إتفاقهما الإنتخابي (النيابي – بعد الرئاسي) ثابت وانهما دخلا في الأسماء وتفاصيل التفاصيل سواء ما يدخل فيها الشياطين أم الملائكة.
رابعاً – هناك غير طرف لا يريد الإنتخابات النيابية في المطلق، كما لا يريد أي تطوّر داخلي على مستوى اعادة عجلة الدولة الى الدوران الجدّي، على أمل أن تأتي التطورات في المنطقة لمصلحته… وبالذات التطوّرات السورية، وعندئذ قد تكون الأمور أكثر يسراً بالنسبة إليه. وهنا لا يقتصر الأمر على طرف واحد.
خامساً – هناك دُعاة التبديل الجذري في صورة الحكم والحكومة في لبنان. وهؤلاء يأملون في أن يؤدي الاهتراء الضارب البلد حالياً الى شمولية في الهريان، ما يطرح جدياً موضوع المؤتمر التأسيسي في غياب رئيس الجمهورية، ومع حكومة مهزوزة قولاً وفعلاً، ومع غياب مرتقب لمجلس النواب، على أساس أنه في حال تعذر الإنتخاب النيابي قد يصبح متعذراً أيضاً توفير الثلثين لإقرار تمديد ثالث للمجلس النيابي في هذه الحقبة الحاسمة من التاريخ اللبناني…
هل هذه لوحة تشاؤمية؟!
ربما.
ولكن مهما أوغلنا في التشاؤم، فلم نصل الى الحدّ الذي بلغه الرئيس نبيه بري وتحذيراته شبه اليومية من الآتي الأعظم.