لا توحي جلسة انتخاب رئيس الجمهورية امس وكأنها ستكون غير ما سبقها، حيث لا تعديل في المواقف وليس من اعرب عن استعداده لان يغير في الموقف الذي اعتمده سابقا، مع ما يعنيه ذلك من تكرار لمشهدي الحضور والغياب الذي دأب اللبنانيون على مشاهدته لمرات ومرات اضف الى ذلك ان من هو مع الانتخاب على غير استعداد لان يغير موقفه من الموضوع بحسب القراءات السابقة واللاحقة ايضا (…)
وما يقال عن الانتخابات الرئاسية يقال مثله واكثر عن جلسات مجلس الوزراء العالقة بين موضوعين، الاول التعيينات العسكرية والثاني آلية التعاطي في مجلس الوزراء، باستثناء ما تردد عن حلحلة في موضوع التعيينات على اساس ترفيع عدد من العمداء من بينهم العميد شامل روكز على امل كسر الرفض الذي صدر ولا يزال عن تكتل التغيير والاصلاح الا في حال الاحتكام الى التصويت على اساس موافقة الثلثين المقترحة من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، وكي لا يقال ان هناك اصواتا اخرى طرأت على مسرح الاحداث!
وفي المقابل قيل كلام غير مرحب بالنسبة الى مشروع الوزير اكرم شهيب لجهة تهدئة الخواطر واعادة فتح مطمر الناعمة كخطوة سياسية من شأنها كسر شوكة الرفض الدرزي المحسوب في خطة النائب طلال ارسلان الذي اعلن موافقة متأخرة جاءت ردا على الصمت الجنبلاطي الذي كان بدوره محل تساؤل بعدما كان شهيب يعول عليه قبل قرار ارسلان الدخول على خط المواقف المؤيدة ولو بصورة متأخرة حيث ساد الظن لبعض الوقت ان الخلاف الدرزي – الدرزي سيؤدي الى نسف مشروع شهيب جراء ما صادفه من اعتراض عكاري (…)
اما وقد غير الموقف الارسلاني المعادلة، فان جنبلاط قال لصديقه الارسلاني اللدود شكرا مبطنة لان ارسلان كان قادرا على التحكم بالموضوع بنسبة تحكم جنبلاط به، وهذا ما حصل حتى مساء الاحد الفائت حيث تغيرت طبيعة الموافقة لاعتبارات سياسية ومذهبية في وقت واحد، بعدما كانت كل الامور مرهونة بلا جنبلاطية اما وقد وافق ارسلان على المطمر فان الرفض الدرزي لم يعد واردا في حده الادنى من غير حاجة الى التوقف عند الاعتبارات المالية المرتبطة بشركة سوكلين!
المهم هو ما ينتظر الحكومة يوم الجمعة المقبل، حيث ترددت معلومات مفادها ان جلسة مجلس الوزراء ستكون غير ما سبق، حيث هناك مجموعة تعيينات يمكن ان تكسر حدة المواقف السياسية – المذهبية، لاسيما موقف رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون الذي بدا اخيرا وكأنه اقتنع بترفيع صهره العميد شامل روكز الى رتبة لواء من غير حاجة الى ان يصل به الى رتبة لواء كي يتسلم مقاليد قيادة الجيش بحسب ما كان سبق له ان لوح به «لاحداث تغيير جذري في تركيبة المؤسسة العسكرية»؟!
ازاء كل ما تقدم فان كل الامور ستكون مرهونة بما سيصدر عن جلسة مجلس الوزراء يوم الجمعة المقبل، هذا في حال انعقدت الجلسة بعد عودة رئيس الحكومة تمام سلام من مشاركته في اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة التي لم تسفر عن كسر حدة المواقف ذات العلاقة بالانتخابات الرئاسية التي لا بد وان تبقى في صدارة جدول اعمال جلسة الحوار الثالثة الاسبوع المقبل، مع الاخذ في الاعتبار ان شيئا محددا لم يطرأ على الموضوع كما سبق القول لاسيما ان اروقة الامم المتحدة لم تتناول هذا الموضوع بجدية!
اما الذين اقترحوا عقد ثلاث جلسات حوار اعتبارا من الاسبوع المقبل فانهم لا يزالون غير مؤمنين بامكان تسجيل خطوة ايجابية باتجاه «الحرب الرئاسية» التي لا تزال تعتبر علة العلل بالنسبة الى جميع المتحاورين الذين يعرفون ان الامور محكومة بعقد خارجية من المستحيل تخطيها من غير حاجة الى التوقف عند الاصول التي يعترف الجميع انها صعبة الاختراق (…)
ومن الان الى حين معرفة نتائج جلسة مجلس الوزراء وبعدها جلسات الحوار، ليس من بوسعه القول ان الامور تسير باتجاه ايجابي، ولو بالمعدل الذي وصلت اليه خطة الوزير اكرم شهيب الذي نجح في فتح مطمر الناعمة، فيما هناك مطامر اخرى لا تزال امورها عالقة سياسيا ومطلبيا ومذهبيا وماليا في آن؟!