IMLebanon

و»المونديال» اللبناني  

 

 

انتهت أمس فعاليات «المونديال» (فيفا قطر 2022) بنتائج غلبت عليها المفاجأة في مختلف الأدوار. وقد شغلت فعالياته المليارات حول العالم قاطبة، فكانت أيامه الثلاثون ضاجة بالفرح والبهجة لدى دول وجماعات وبلدان وقارات وجماهير المشجعين، وأيضاً مليئة بالخيبة والآلام والدموع لدى الخاسرين ومناصريهم في مختلف أنحاء العالم.

 

بالنسبة إلينا، معشر اللبنانيين، فقد استطاع المونديال أن يخطف منا الاهتمام ولو بقدرٍ ما، بالرغم من أن همومنا الوطنية والإنسانية والمعيشية وحتى المصيرية ضاغطة علينا إلى حد الاختناق.

 

ولما كان الشيء بالشيء يُذكر فإن المونديال الرئاسي عندنا يصح فيه القول إنه «فيفا لبنان 2022»، بالرغم من أنه منقول إلى العام 2023 الآتي… ونصرّ على أنه «فيفا» لأنه الأقرب إلى كرة القدم في صراع على الملعب اللبناني، وأما الكرة فهي مصير هذا الوطن الصغير المعذب الذي تتقاذفه (بدل الأرجل) الأهواء والمصالح الدولية من أصحاب الألسن التي يسيل لعابها على ما تختزنه مياهنا الإقليمية، وأرضنا اليابسة كذلك، من ثروات طبيعية دفينة من الغاز والنفط يقول الخبراء إنها بمئات مليارات الدولارات.

 

وهو صراع أخطر ما فيه أننا الطرف الأضعف إلى حد القصور الفادح والفاضح، فنقف متفرّجين، عاجزين، عن أن يكون لنا دور في «لعبة» مصيرنا التي يؤديها الآخرون على أرضنا، كما مارسوا حروبهم عندنا وعلينا.

 

وعندما يطالب سيدنا البطريرك بشارة الراعي بالتدويل، فإنما يكون الأمر تحصيلَ حاصلٍ! وليس في هذا الزعم أي قدر من المبالغة:

 

أوليس أننا، في معظمنا، مرتَهَنون إلى دول خارجية سواء أكانت في الجوار والإقليم، أم في البعيد «جوّات سبع بحور»، كما يقول المثل اللبناني السائر؟!.

 

أوليس أن الكثير من أدوات «اللعبة» في لبنان ينتظرون «التعليمة» والتوجيه (ولا نحب أن نضيف: والأوامر أيضاً) من الخارج؟!.

 

أوليس أن التأنيبات تأتي القياديين عندنا من شرق الدول وغربها؟!.

 

أوليس أننا نراهم (طامحين، وطامعين، ومسترئسين، وموعودين إلخ…) يتقاطرون على مختلف البلدان فيفرشون وينامون في واشنطن وباريس والرياض والدوحة والقاهرة والفاتيكان وسواها من العواصم التي يظنون أنه قد يكون لهم نصيب منها في نهائي الـ «فيفا» اللبنانية؟!. من سيربح ومن سيخسر في هذا المونديال اللبناني؟

 

ومن سيخرج في النتيجة رافعاً الكأس الذهب التي يلهثون وراءها؟ ومن هم المرشحون الذين سيغادرون الملعب، ومن هم الذين سيلجونه؟!.

 

إنها اسئلة واجبة الوجوب قبل أن تنتهي اللعبة والجميع منهَكٌ، فيما هناك الباكي فرحاً والباكون قهراً وخيبة ومرارة لا تزول. وهل ثمة آمال في الوصول إلى ركلات الترجيح التي تعتمد على الحظ ربما أكثر من اعتمادها على الكفاءة؟

 

وبالرغم من ذلك كله، على أمل أن يُجرى هذا المونديال اللبناني في الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة قبل أن تُطيح الأزمة حتى الملعب!