IMLebanon

ساعة الصفر الرئاسية… تفضح المستور

سواءٌ شهدت جلسة 31 تشرين الأول إنتخابَ رئيس للجمهورية أو تأخّر هذا الإنتخاب الى موعد لاحق، بات هناك مشهدٌ لبنانيٌّ جديد طبعه قبولُ الرئيس سعد الحريري بالعماد ميشال عون مرشحاً طبيعياً لرئاسة الجمهورية.

كان بإمكان الحريري أن يستكملَ جولاتِه الخارجية وأن يسمع «نعم» سعودية واضحة، وموافقة أميركية ضمنية، وعدم معارضة باريس التي تجمعها علاقة جيدة مع عائلة الحريري.

لكنّ الخطوات الرئاسيّة تسارعت، خصوصاً لجهة حجم الضغط العوني غير المتوقع وعدم القدرة على الإنتظار نتيجة الخوف من المفاجآت غير المتوقعة، ما ساعد في الدفع قدماً في اتجاه الإستحقاق الرئاسي.

سادت مقولة قبل اتفاق «الطائف» بأنّ المسلمين هم مَن يأتون بالرئيس المسيحي، وأنّ المسيحيين هم مَن يُسمّون رئيس الحكومة السنّي، لكنّ هذه المقولة وإن كانت صحيحة في درجة معيّنة، تبقى الحقيقة الأساسية أنّ رئيس الجمهورية كان يُنتخب بكلمة السرّ الإقليمية والدولية، فيما المسلمون والمسيحيون لا يعارضون تلك الإرادة، بينما تنطبق هذه المقولة على رئيس الحكومة فقط لأنّ اختيارَه يُعتبر شأناً داخلياً.

بين الإنتظار الطويل والصعب لتأمين نجاح مبادرة الحريري، يبدو أنّ الغطاء المسيحي الكامل تأمّن لها مع الموقف الواضح والصريح والأوَّل من نوعه للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي تمنّى نجاحَ المبادرة، وهذا الموقف لم يصدر عندما رشّح الحريري رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية.

من جهة ثانية، تبدو جبهة «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ» أكثرَ وحدةً من ذي قبل، فـ«اللقمة وصلت الى الفم»، وهما يبقيان على منسوبٍ عالٍ من التفاؤل، والمشاورات والاتصالات بين الطرفين على أوجها، ووصلت الى حدّ قول أحد القياديين إنّ هناك خطّاً ساخناً بين الرابية ومعراب في انتظار ساعة الصفر التي تعيد عون الى بعبدا، و«القوّات» الى الدولة.

مهما قيل عن سيناريوهاتٍ للمرحلة المقبلة، ومن ضمنها طرح أسماء وسطية في حال لم يُكتب لمبادرة الحريري النجاح، هناك معطى جديد لا يمكن تجاوزه، وهو رأي الغالبية المسيحية، وإلّا ستكون الأمورُ بمثابة كسرٍ لإرادة المسيحيين وإخراج ممثليهم من الدولة مجدّداً، ما يوازي مرحلة ما بعد إتفاق «الطائف».

لا ينكر أحدٌ حجمَ التباعد الذي أفرزته الإنتخابات الرئاسية بين مكوّنات «8 آذار»، خصوصاً بين عون من جهة، والرئيس نبيه برّي وفرنجية من جهة أخرى، ويبدو حتّى الساعة أنّ الأمور ذاهبة نحو مزيد من التصعيد، فيما يبقى موقفُ «حزب الله» غامضاً.

وفي هذا الإطار، ينفي أحدُ القياديين المحسوبين على الرابية لكن تجمعه علاقة وطيدة مع برّي وفرنجية، إمكانية سعيه لأيّ مبادرة لجمع الرجال الثلاثة. ويعتبر أنّ القضية باتت أكبرَ بكثير وتحتاج الى علاجٍ جذري خصوصاً بعد إثارة مسألة ميثاق 1943 والتهديد بالحرب الأهلية وملفات سابقة، وكلّها تأتي على حساب المسيحيين»، متوقعاً أن تعمد الأطرافُ المناوئة لعون الى رفع وتيرة التصعيد وحدّة اللهجة والخطاب السياسي في الأيام المقبلة خصوصاً بعد إعلان الحريري تبنّي ترشيحه رسمياً.

حُكم لبنان بعد عام 1990 بثلاثية معروفة حرمت المسيحيين من الحضور في الدولة والإدارات، وانتخاب عون في هذا الظرف سيقلب «سيبة الحكم» ويُدخل المسيحيين مجدداً الى دائرة القرار.

لكن ما ثبت في الأمس، أنّ كلّ الكلام عن أنّ «حزب الله» و«الشيعية السياسية» متحكّمة بمفاصل اللعبة وتتصرّف كما تشاء سقط بفعل التفاهمات التي صيغت وأظهرت أن لا أحد من الأطراف قادر على الإستئثار والحكم بمفرده، إلّا إذا تراخت بقية الأطراف تجاهه وسمحت له بالتصرّف كما يحلو له.

من هنا، فإنّ الأيام المقبلة ستكشف المستور، والخوف هو مِن تحوّل المواجهة الى مسيحية- شيعية بفعل الكلام والكلام المضاد الصادر، مع العلم أنّ المسيحيين لم يعارضوا يوماً وصولَ السنّي القوي الى رئاسة الحكومة وكذلك الشيعي القوي الى رئاسة مجلس النواب.