IMLebanon

حصة الرئيس؟!

 

تتداول وسائل الإعلام معلومات منسوبة الى القصر الجمهوري تقول بأن من حق رئيس الجمهورية أن يكون له وزراء في الحكومة وحضور في السلطة التنفيذية كونه الوحيد على حدّ ما أوردته هذه المعلومات الذي يقسم اليمين على صون الدستور والبلاد، وبناء عليه تدعو المعلومات إياها الى الفصل بين الرئاسة والتيار الوطني الذي أسسه رئيس الجمهورية على خلفية ان لكل موقعه وتمثيله وهو ما يحرص عليه الرئيس عون منذ وصوله إلى سدة الرئاسة.

وفي معرض تبريرها لذلك تسأل المعلومات: ألا تريدون لرئيس الجمهورية أن يكون الحاكم المنزه والمجرّد من كل غاية ومنعة شخصية وسياسية وتستكثرون في الوقت نفسه أن يكون له من الوزراء من يعاونه ويدعم مواقفه في مجلس الوزراء؟ ولماذا اليوم الخروج عن التقليد والعرف الذي اتبع بعد الطائف؟ ألم يكن للرؤساء الياس الهراوي واميل لحود وميشال سليمان تمثيلهم الوزاري في الحكومات التي تعاقبت على البلاد، وكيف يكون لرئيس البلاد أي تأثير في القرار داخل مجلس الوزراء وهو لا يصوت ولا يحضر؟

ولم تكتفِ تلك المعلومات بهذه الحجج الواهية التي لا علاقة لها باتفاق الطائف وبالدستور الذي انبثق عنه، وبالاجماع على ضرورة تطبيقه بكل نصوصه، بل توسعت في التفاصيل وأوردت معلومات تتعلق بعدد المقاعد الوزارية التي يجب، على حدّ زعمها، أن تكون من حصة رئيس الجمهورية لتصل وفق ما أوردته المعلومات التي تتداولها وسائل الإعلام إلى أربعة أو ستة وزراء ليصل العدد مع حصة حزبه إلى أكثر من عشرة وزراء، أي إلى الثلث المعطل الذي يمكنه ان يتحكم بالحكومة وبمصيرها كما حصل عندما استقال الوزراء العشرة من حكومة الرئيس سعد الحريري بينما كان هو في واشنطن يهمّ بدخول البيت الأبيض للاجتماع إلى الرئيس الاميركي، فضلاً عن القدرة على التحكم بقرارات مجلس الوزراء وتعطيلها ساعة يشاء وعندما يرى انها لا تخدم مصالحه السياسية وغير السياسية.

أية بدعة هي هذه المعلومات المنسوبة الى رئاسة الجمهورية وما علاقتها باتفاق الطائف الذي أناط السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء ونص فقط على تشكيل الحكومة مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، ولم يأت من قريب أو من بعيد على حق رئيس الجمهورية في الحصول على حصة في الحكومة تمكنه من التحكم بها، وكل ما نص عليه اتفاق الطائف، هو انه عندما يحضر رئيس الجمهورية يترأس جلسة مجلس الوزراء، فهل يريد رئيس الجمهورية، إذا صحت المعلومات المنسوبة إليه، الانقلاب على اتفاق الطائف والعودة إلى ما كان عليه الحال قبله، أي الحكم الرئاسي أو شبه الرئاسي حيث كان رئيس الجمهورية هو الآمر الناهي الذي يعين الحكومة ويقيلها ساعة يشاء؟

هذا المنطق الذي يسود هذه الأيام على الساحة الداخلية من شأنه أن يؤسّس ليس إلى أزمة دستورية، بل إلى فتنة داخلية كما نقل أحد أعضاء حكومة تصريف الاعمال عن رئيس مجلس النواب نبيه برّي، في معرض تعليقه على الذهنية الذي يُدار بها الحكم في لبنان في عهد الرئيس عون ورئيس حزبه النائب جبران باسيل، وما ألمحت إليه أيضاً مصادر القوات اللبنانية في أكثر من مناسبة، وفي أكثر من محطة سياسية، وكان آخرها ما صرّح به نائب رئيس حزب القوات النائب جورج عدوان من أن وزراء القوات في الحكومة العتيدة سيكونون من حصة رئيس الجمهورية.

إذا كان هذا المنطق هو السائد عند رئيس الجمهورية وحزبه التيار الوطني الحر، فذلك معناه ان البلاد مقبلة على أزمة تشكيل حكومة لا أحد يضمن ان لا تتطوّر إلى أزمة دستورية تجر الجميع الى ما لا تحمد عقباه.