الثالث من أيار من كل سنة، هو اليوم العالمي لحرية الصحافة، وكنت اتمنى، قبل الكلام عن الحرية والصحافة، وما لهما وما عليهما، لو ان نقابة الصحافة ونقابة المحررين تتفقان على تكريس هذا اليوم، يوم عطلة للعاملين في وسائل الاعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، بمبادرة خاصة من النقابتين المعنيتين بمهنة الصحافة، وإعادة الاعتبار الى يوم السادس من أيار على انه عيد شهداء لبنان، كل شهداء لبنان منذ العام 1915، حيث علق الاحتلال العثماني ابطالاً لبنانيين من جميع الطوائف والمذاهب، على اعواد المشانق لأنهم كانوا يطالبون بالاستقلال والحرية والسيادة، وصولاً الى ابطال من ضباط الجيش وجنوده، استشهدوا دفاعاً عن لبنان وحريته وسيادته واستقلاله، الى قيادات ومواطنين وصحافيين، تم اغتيالهم لاسكات صوت الحق والحرية، من قبل انظمة او جماعات او احزاب، ويقام في ساحة الشهداء، الاحتفال الرسمي والشعبي لتكريم هؤلاء الابطال الذين بذلوا ارواحهم فداء للوطن وحريته واستقلاله، كما كان يحصل في كل سنة، علماً بأن الغاء هذه المناسبة المقدسة كان خطيئة ارتكبتها الحكومة التي ألغته، والحكومات التي تبعت ولم تعد اليه الاعتبار.
اما بالنسبة الى اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي مر امس مرور الكرام، الا من بيان من هنا وتعليق من هناك، فيمكن القول وبكل بساطة ان في لبنان الكثير من الفوضى والفلتان والكذب الاعلامي، والقليل من الحرية القائمة على قواعد الصدق والشفافية والاخلاق في نقل المعلومة المؤكدة والموثقة، او في الجهر بموقف، غايته الاضاءة على فساد او تقصير او استغلال او موقف يسيء الى مصلحة لبنان أمنياً وسياسياً واقتصادياً ووجودياً، او تحريض مقصود على الفتنة بين اللبنانيين، واشاعة البلبلة والحقد بين مكونات الوطن الروحية.
هناك صحافيون واعلاميون، لهم تاريخ مشرّف في المحافظة على مهنة الصحافة التي تصل الى مستوى الرسالة، لكنهم مع الأسف هم قلة في زحمة اعداد المتخرجين او الطارئين، وبعضهم دخل في طور الانقراض، والدعاوى بالمئات التي تساق ضد الصحافيين، قد نجد في بعضها رغبة بترهيب هؤلاء واخافتهم تمهيداً لاستيعابهم، ولكن تبعاً للاحكام التي تصدر بحق عدد من الصحافيين، نجد ان القضاء استند على نية مضمرة عندهم للتشهير والاساءة الى المدّعين، وهم في مواقفهم هذه اساؤوا الى حرية الصحافة، والى الحق المقدس في نشر الحقيقة ضمن ما نصت عليه القوانين والدستور وآداب المهنة وقواعدها، وفي هذا الصدد لا بد من التأكيد على التمسك بحرية الصحافة، وبالحريات العامة الاخرى، ولكن المهم هو وجود الصحافي الحر القادر على ممارسة الصحافة الحرة بمسؤولية.