IMLebanon

الصحافة طائر فينيق لبنان  

 

فيما كانت صفوف المهنئين تتدفق على مقر نقابة الصحافة أمس، سياسيين واقتصاديين وديبلوماسيين وإعلاميين ورجال دين وفاعليات إجتماعية وأصدقاء ومحبين، لتهنئة النقيب عوني الكعكي وأعضاء مجلس النقابة… في خلال ذلك كانت تنتابني مشاعر عديدة إزاء حالنا وحال هذه المهنة الشريفة التي تمرّ بمراحل دقيقة، إقتصادية بالضرورة، تعود لأسباب عديدة ليس الآن مجالها.

 

أول تلك المشاعر إن الصحافة لا تزال تستقطب الناس في لبنان، ولا يزال لها موقعها في قلوبهم ووجدانهم وفي إهتمامهم بالضرورة… وهذا ما يدعو الى الإرتياح.

الثاني إن صحافتنا التي تعيش واحدة من أكبر أزماتها لا تزال قادرة على أن تكون صحافة القيمة، وصحافة الكلمة، وصحافة الرأي وصحافة الخبر الذي يهزّ الكراسي الكبيرة ولو كان من بضعة أسطر.

الثالث إن هذه الصحافة تعيش الديموقراطية في أرقى مظاهرها فتجري إنتخابات مشهوداً لها بنزاهتها وشفافيتها، وفي مواعيدها القانونية… يحدث هذا في وقت مدد مجلس النواب لذاته ثلاث مرات… والإنتخابات النيابية المقبلة المقررة في شهر أيار المقبل تدور حولها علامات استفهام كثيرة على الرغم من التأكيدات على مستوى المرجعيات الرئاسية الثلاث مراراً وتكراراً. وهذه شهادة كبيرة لهذه المهنة في لبنان. فالصحافيون يترشحون، ويُنتَخَبون وينتخِبون (بفتح حرف الخا، ثم بكسرها) ويختارون من يمثلهم في مجلسهم، وهؤلاء يختارون النقيب ومعاونيه بحرية مطلقة!

الرابع إنه في وقت تدهم الأزمة المالية – الإقتصادية المتمادية الصحافة اللبنانية نرى سلسلة تطورات إيجابية لافتة منها وضع مشروع لتطوير المهنة يتولاه وزير الإعلام ملحم رياشي مستأنساً برأي نقابتي الصحافة والمحررين، ويعمل نقيب الصحافة على ترميم المقر مضيفاً إليه طبقتين، وتتعاقد صحف لبنانية مع أمهات الصحف العالمية لتبادل الخدمات، وتظل صحافة الورق المصدر الأول لوسائط الإعلام كلها (تلفزيونات، إذاعات، مواقع الكترونية…) في استقاء معلومتها…

وإذ لا نرى ضرورة في تكرار الكلام على تفاصيل الأزمة التي تمر بها الصحافة لشدّة ما جرى تكرارها، فإن ثمة ما يستثير مشاعر الأسى بل والحزن أحياناً.

الحزن على كوكبة من الماهدين الذين أطلقوا هذه المهنة وهم يتساقطون واحداً تلوَ الآخر…

الحزن على توقف صحف عزيزة وغالية بعضها كان لنا الحظ في أن نكون في فريق مرحلة تأسيسه، وإن خانت الذاكرة من يعنيه الأمر!

والأسى على تعثر بعض الصحف في مسؤوليتها تجاه افرقاء العمل فيها.

والأسى الأخير وليس الآخر على أنه لم يبق كثيرون من جيلنا الذي ينتشي برائحة الحبر وملامسة الورق.

صحافة لبنان مثله، تنبثق من تحت الركام ومن الرماد ماردة، مكلومة ولكنها طموحة.

خليل الخوري