IMLebanon

«معصرة» كفرعقا البلدية… إختلاط «زيت الأحزاب» بالعائلات

إنتهت الانتخابات البلدية والاختيارية في مختلف المحافظات وباتَ التركيز حالياً على الشمال، بحيث تتفاوت حدّة المعارك بين منطقة وأخرى وتأخذ طابعاً سياسياً وعائلياً وفق كلّ بلدة ومدينة.

تأخذ المعركة الانتخابية في الكورة طابعاً سياسياً وإنمائياً وعائلياً في آن واحد، خصوصاً أنّه قضاء متنوّع سياسياً ويضمّ معظم القوى والأحزاب، فالوجود الحزبي يختلط مع وجود شخصيات لها وزنها على الساحة الكورانية مثل نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والنائب نقولا غصن، فيما عمل حزب «القوات اللبنانية»، منذ العام 2005، على توسيع حضوره بحيث أصبح القوة الحزبية الكبرى، مستفيداً من حضوره الكثيف في البلدات المارونية إضافة الى حضوره في بلدات كبيرة، لعلّ أبرزها كوسبا وكفرعقا.

يستطيع زائر الكورة عموماً وبلدة كفرعقا خصوصاً، المشهورة بتجارة زيت الزيتون، النظر الى التفاوت بين مستوى الخدمات العامة والنهضة التي حقّقها أهل المنطقة مستفيدين من توجّههم نحو العلم ومن موقع الكورة الوسطيّ بين الأقضية، إضافة الى تحوّلها منطقة تجارية بسبب الأزمات والحروب التي ضربت طرابلس طوال الفترة الماضية وانتقال قسم كبير من التجّار للاستثمار فيها.

ككلّ بلدات لبنان، تأخذ المعركة البلدية في كفرعقا، التي تتوسّط أميون عاصمة القضاء ومركز ثقل الحزب «القومي السوري الاجتماعي» وبلدة كوسبا المدخل الإجباري الى قضاء بشري، طابعاً عائلياً وسياسياً في آن، تلك البلدة المحسوبة تاريخياً على الخط اليميني بعكس جارتها أميون، حيث تسري الإشاعات بأنّ السبب الأساس في تأييد كفرعقا الخط اليميني هو الخلافات المناطقية، و«الحزازية» مع أميون.

شكّلت كفرعقا الرافعة الأساسية للائحة «14 آذار» النيابية في دورتي 2005 و2009، ومن ثم في الانتخابات الفرعية التي أتت بالنائب القوّاتي فادي كرم الى الندوة البرلمانية. وفي حين يعتبر حزب «القوات» الأكثر انتشاراً في البلدة، يُسَجّل حضور لـ«التيار الوطني الحرّ» و«القومي» و«المردة» وبعض القوى المحليّة.

لا تُخفي زحمة السير على إشارة كفرعقا حدّة التنافس، فالمجلس البلدي مؤلّف من 15 عضواً، ويبلغ عدد الناخبين المسجّلين على لوائح الشطب نحو 4000 غالبيتهم من الروم الأرثوذكس مع وجود أقلية مارونية. وقد انحسر التنافس بين لائحتين، الاولى مدعومة من «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» وبعض العائلات ويترأسها الياس ساسين، والثانية برئاسة فيليب بولس ومدعومة من تيار «المردة» و»القومي» وبعض الفاعليات الكورانية والعائلات.

لم تنجح مساعي الوفاق في البلدة نظراً الى حدّة التنافس العائلي. وفي السياق، يؤكد النائب فادي كرم لـ«الجمهورية» أنّ «المعركة عائلية وبين عائلة بولس وساسين، واخترنا دعم لائحة ساسين لأنّ هذه العائلة في الأساس معنا، فيما يدعم مناصرو مكاري و«المردة» وقسم من القوميين اللائحة المقابلة»، معتبراً أنّ «التنافس هو من أجل إنماء البلدة»، ومؤكّداً أنّ «كفرعقا أثبتت دائماً انها تؤيّد «القوات» وهي القوة الأكبر فيها من دون منازع، وهذا الواقع ظهر وسيظهر في صناديق الاقتراع».

يعود التنافس العائلي الى زمن بعيد، بحيث أنّ كفرعقا، ككل البلدات اللبنانية، يَشتدّ فيها العصب العائلي يوم الانتخابات البلدية والاختيارية، بينما تصوّت سياسياً في استحقاق الانتخابات النيابية. وبما أنّ كل فريق حضَّر لمعركته جيداً، يستغرب بولس «لماذا حوَّل الفريق الآخر المعركة سياسية بينما يجب أن تكون إنمائية بامتياز».

ويقول لـ«الجمهورية»: «أنظروا الى المواقع الإلكترونية التابعة لـ«القوات» و«التيار»، فهم يعبّرون بصراحة عن دعمهم للائحة ساسين، فلماذا يتحوّل العمل الإنمائي الى سياسي؟».

ويؤكّد بولس أنّ «لائحته تضمّ كل تلاوين كفرعقا، وهي صورة مصغّرة عن البلدة. فنحن لا نريد إلغاء أحد، وكل ما يقال عن دعم أحزاب معينة لنا هو غير صحيح، فمن يدعمنا هم أهلنا فقط الذين نعمل لخدمتهم».

عانَت كفرعقا واقعاً إنمائياً مذرياً، وظهر ذلك من خلال الحفريات التي ملأت الطرق وسط الخلافات البلدية العاصفة. وإذا كانت الطرق االعامة مسؤولية وزارة الأشغال والدولة، إلّا أنّ وجود بلدية قوية يمكنه تغيير الواقع، خصوصاً أنّ الوصول إلى كفرعقا يتطلّب، حسب المنطق الشمالي، «مُعاملة»، بسبب الحفر التي تبدأ من خط خان بزيزا- وسط البلدة وصولاً الى الطريق التي تؤدي الى ضهور الهوا. أمّا أوتوستراد الكورة – الأرز فحَدّث عنه ولا حرج.

من هنا، يؤكد الياس ساسين لـ«الجمهورية» أنه «ترشّح بدعم من بعض العائلات و«القوات» و«التيار» لتحقيق الإنماء المطلوب، لأنّ وضع كفرعقا الإنمائي مُذرٍ، لذلك قرّرنا خوض المعركة وألّفنا لائحة من المثقفين لتكون في الواجهة وتحقق مطالب الناس».

ويوضح أنّ «الإنماء ضروري وهمّنا هو الارتقاء ببلدتنا الى مرتبة البلدات المزدهرة، لأنّ استمرار الوضع الحالي غير مقبول»، معتبراً أنّ «التنافس هو مع اللائحة المقابلة المدعومة من «القومي» و«المردة» والنائب نقولا غصن ومكاري، والصناديق ستحسم النتيجة».

مهما قيل عن المعركة في كفرعقا، إلّا أنها ستكون أساسية في تحديد حجم القوى، فهل ستُثبت «القوات» أنها ما زالت القوة الأكبر فيها؟ أم أنّ التكتل المضاد سيُحقق انتصاراً في أحد أهمّ معاقل «القوات» الأرثوذكسية؟ وماذا عن الانماء بعد نهاية المعركة؟