Site icon IMLebanon

عوامل ومستجدات ضاغطة ساهمتا بتسريع وتيرة المشاورات لإنهاء الفراغ الحكومي

تحرك الرئيس الفرنسي من العوامل المؤثرة لحث اللبنانيين على التفاهم لتشكيل الحكومة الجديدة

عوامل ومستجدات ضاغطة ساهمتا بتسريع وتيرة المشاورات لإنهاء الفراغ الحكومي

هناك الأوضاع الإقليمية المتحركة والضاغطة التي يتعرّض لها لبنان باستمرار، وأولها التهديدات الإسرائيلية المتكررة والتلويح باعتداءات تستهدف أراضيه

لوحظ ان وتيرة الاتصالات والمشاورات بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وسائر الأطراف المعنيين بتشكيل الحكومة الجديدة، تسارعت خلال الساعات الماضية، في محاولة لتضييق شقة الخلافات وتقليص التباينات القائمة حول حصص كل طرف وما يطمح إليه للفوز بالحقائب الوزارية الوزانة والبحث عن حلول مقبولة وتفاهمات تساهم في تسريع ولادة الحكومة العتيدة في أقرب وقت ممكن، بعدما استشعر الجميع مخاطر استمرار لبنان في مرحلة الفراغ الحكومي التي طالت أكثر مما كان متوقعا وإمكانية انعكاساتها السلبية الضارة على الجميع من دون استثناء في حال بقيت الخلافات السياسية تعيق تشكيل الحكومة الجديدة.

ولعل التحرّك الفرنسي الذي تولاه الرئيس ايمانويل ماكرون شخصيا ولقاءه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على هامش القمة الفرانكفونية التي عقدت الأسبوع الماضي في أرمينيا وحديثه الصريح حول ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة واشارته الواضحة إلى المخاطر الناجمة عن استمرار التأخير الحاصل في عملية التشكيل، لا سيما على نتائج مؤتمر «سيدر» وعلى الأوضاع الاقتصادية عموما في المستقبل، والزيارة التي قام بها الموفد الفرنسي بيار دوكان ولقاءاته مع كبار المسؤولين اللبنانيين، كانت من العوامل المؤثرة في حث معظم الأطراف السياسيين على التنبه لمجمل المخاطر المحدقة بلبنان جرّاء استمرار تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة على مختلف الأوضاع السياسية والاقتصادية والمالية على حدٍ سواء، وبالتالي لم يعد ممكنا البقاء في حالة التنافر السياسي والدوران في حلقة الخلافات حول الحصص والاحجام وتوزيع الحقائب دون جدوى وإبقاء البلاد تتخبط في حالة الفراغ الحكومي الذي بدأ ينسحب تردياً في أداء معظم مؤسسات وادارات الدولة وانتشار الفوضى والفساد.

يضاف إلى ذلك المخاوف الناشئة من الخشية الناجمة عن تأثر الوضع الاقتصادي والمالي جرّاء إطالة أمد الفراغ الحكومي، وتأثر معظم القطاعات الاقتصادية وتراجع مؤشراتها طوال مرحلة الأشهر الماضية التي تلت الانتخابات النيابية في مطلع شهر أيار الماضي، وحالة التذمر والاحباط التي يعيشها اللبنانيون بفعل هذا التباطؤ الاقتصادي، ما زاد في المخاوف من إمكانية حدوث اهتزازات اقتصادية ومالية محتملة بفعل الشائعات المغرضة التي تناولت كبار المسؤولين عن السياسة المالية والمصرفية، إما لتصفية حسابات سياسية معينة أو في محاولة لممارسة ضغوطات مكشوفة على عملية تأليف الحكومة لتحقيق مكاسب على حساب أطراف أخرى.

وهناك أيضاً الأوضاع الإقليمية المتحركة والضاغطة التي يتعرّض لها لبنان باستمرار ولا تتوقف عند حدث أو محطة معينة، واولها التهديدات الإسرائيلية المتكررة والتلويح باعتداءات تستهدف أراضيه، لا سيما ما تمّ توجيهه إلى مناطق قريبة من مطار رفيق الحريري الدولي الذي يعتبر الشريان الاقتصادي الأهم وصلة لبنان بالعالم الخارجي، وما ترمز إليه مثل هذه التهديدات وتأثيرها على الداخل اللبناني، في ظل عدم وجود حكومة فاعلة وقادرة على مواجهة مثل هذه التهديدات والتحرك بسرعة تلافياً لانعكاساتها السلبية ومنع أي تأثيرات ضارة على اللبنانيين في أي منطقة كانت.

ولا يقتصر الأمر عند حدود هذه الوقائع، بل يضاف إليها أيضاً التداعيات المحتملة للاجراءات والعقوبات الأميركية ضد «حزب الله» وتصنيفه بالارهابي والعقوبات المرتقبة على إيران في الرابع من الشهر المقبل وانعكاسات كل هذه التطورات على الداخل اللبناني بفعل الترابط القائم بينها وكيفية التعاطي معها في المرحلة المقبلة.

كذلك، يُعاني لبنان أيضاً من أزمة النزوح السوري المستمر منذ سنوات والتي لم تجد حلاً لها بفعل التعثر الحاصل في المسار السياسي للأزمة السورية واختلاف المجتمع الدولي في التعاطي مع هذا الواقع ورفضه تقديم المساعدات المادية اللازمة لتأمين عوامل عودة النازحين إلى بلادهم، والضغوطات التي يعانيها اللبنانيون جرّاء هذه الأزمة على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وغيرها.

كل هذه العوامل والمستجدات، أوجدت تحسساً من جميع الأطراف المؤثرين للتحاور في ما بينها وللتفاعل مع رئيس الحكومة المكلف للبحث عن مخارج حلول للمشاكل القائمة، على أمل تقصير مهلة تشكيل الحكومة إلى أدنى ما يُمكن. وقد لوحظ بوضوح تبدل في لهجة التخاطب القائمة بين الأطراف المختلفين عمّا كان سائداً في الأيام القليلة الماضية، ما يفسح في المجال امام بحث هادىء للتوصل إلى تفاهمات مقبولة تساهم في تسريع ولادة الحكومة العتيدة في أقرب وقت ممكن.