مع إنتهاء عطلة الأعياد الخاصة بالطوائف الكاثوليكيّة، من المُنتظر أن يشهد لبنان خلال الساعات المُقبلة حركة سياسيّة ناشطة على أكثر من خطّ، وذلك قبل الدُخول مُجدّدًا في عطلة الأعياد الخاصة بالطوائف الأورثوذكسيّة. وعلى الرغم من أنّ رئيس الحُكومة سعد الحريري كان طالب الأسبوع الماضي بسحب الإقتراحات الرامية إلى خفض العجز في المُوازنة من التداول الإعلامي، وأن يتم البحث فيها في إجتماعات مُخصّصة لذلك، قُبيل رفعها إلى الحُكومة مُجتمعة، بهدف عدم إثارة الخلافات في الإعلام من جهة أو على طاولة مجلس الوزراء من جهة أخرى، فإنّ عددًا من كبار المسؤولين، وفي طليعتهم رئيس الجُمهوريّة العماد ميشال عون، أجرى إتصالات بالحريري في الأيّام الماضية وطالبه بنقل النقاش الخاص بالمُوازنة إلى الحُكومة، لأنّ التسريبات التي حصلت إثر الإجتماعات الجانبيّة، تسبّبت بمجموعة من الإشاعات والمعلومات غير الصحيحة، وأسفرت عن إنطلاق موجة من الإضرابات والتظاهرات والإعتصامات الشعبيّة، الأمر الذي يستوجب وقفها في مهدها.
وبالتالي، وإضافة إلى بحث موضوع المُوازنة في إجتماع مالي مُوسّع في السرايا الحُكومي، تتجه الأنظار إلى جلسة مجلس الوزراء المُقبلة التي بات يُنتظر أن تبدأ فيها مُناقشة إقتراحات المُوازنة بين مُختلف القوى السياسيّة، في حال تجاوب رئيس الحُكومة لمطلب رئيس الجمهورية، تجنّبًا لدُخول البلاد في أزمة سياسيّة في توقيت غير مُناسب على الإطلاق. وبحسب أوساط سياسيّة مُطلعة، إنّ الضغوط المُمارسة على رئيس الحكومة حاليًا لتحريك ملف المُوازنة على طاولة مجلس الوزراء بأسرع وقت، كبيرة، وقد بلغت ذروتها مع التصريح الإعلامي لرئيس الجمهورية من بكركي في عيد الفصح، لكنّ هذا الأمر قد يُؤدّي إلى ردّ فعل عكسي من جانب الحريري، حيث ستكون الساعات المُقبلة حاسمة لتحديد الوجهة التي ستأخذها الأمور. فما هي الإقتراحات التي سقطت مبدئيًا، وما هي تلك التي يُتوقّع أن يتمّ تبنّيها مبدئيًا أيضًا؟
بحسب الأوساط السياسيّة نفسها، إنّ الإقتراحات الخاصة بخفض العجز والتي سقطت مبدئيًا، قبل وُصولها إلى طاولة مجلس الوزراء، تتضمّن خُصوصًا:
مسألة حسم ما بين 10 و15 % من قيمة الرواتب التي تضخّمت بفعل سلسلة الرتب والرواتب، على الرغم من مُحاولات جرت لأن يكون الحسم مُوقتًا لفترة زمنيّة مُحدّدة، ولأن يكون الحسم عبارة عن تجميد مُوقت ودين يتمّ إعادته للمُستفيدين مع فوائد ربحيّة في مرحلة لاحقة. لكنّ ردّة الفعل الشعبيّة الغاضبة، والمُزايدات الإعلاميّة التي حصلت من جانب أكثر من جهة سياسيّة، دفعت المعنيّين إلى غضّ النظر عن هذا الإقتراح غير الشعبي على الإطلاق والذي لا يُمكن لأي جهة سياسيّة تحمّل إرتدادته وحدها.
مسألة إلغاء التدبير رقم 3 الخاص بالعسكريّين، حيث قُوبل هذا الإقتراح برفض ثُلاثي من جانب كلّ من رئيس الجُمهورية ووزير الدفاع وقائد الجيش، على الرغم من مُحاولات تجزئة هذا التدبير ليطال حصريًا الوحدات التي ترابض على الحُدود. لكنّ صُعوبة تحديد أي من الوحدات العسكريّة يُمكن أن تستفيد من الرواتب المضروبة بثلاثة أضعاف بحُكم هذا التدبير الخاص بالمخاطر الأمنيّة في زمن الحرب، بسبب تنفيذ الجيش تشكيلات وتبديلات دَوريّة في صُفوف قوّاته، أسفر عن إجهاضه.
وبحسب الأوساط السياسيّة المُطلعة نفسها، إنّ الإقتراحات التي ستتمّ مُناقشتها على طاولة مجلس الوزراء، تمهيدًا لبتّها، تتضمّن أكثر من 50 بندًا وإجراء، وهي تشمل خُصوصًا:
وقف التوظيف بشكل نهائي وكامل، وليس إعلاميًا كما في المرّة السابقة، حيث سيتمّ تحديد مهلة زمنيّة يُمنع خلالها إنضمام أي مُوظّف أو مُتعاقد جديد إلى جدول رواتب القطاع العام، باستثناء بعض مناصب الفئة الأولى ومجالس إدارات المؤسّسات.
حسم كبير من رواتب الوزراء والنوّاب الحاليّين والسابقين.
حسم من رواتب مُوظّفي الفئة الأولى، وتعديل قانون ضريبة الدخل على الرواتب العالية، لجهة زيادة الحسم من الراتب بنسبة 4 % إضافيّة.
خفض البدلات التي يتقاضاها العاملون في القطاع العام، خلال السفر، وعند القيام بساعات عمل إضافية، أو عند مُمارسة مهمّات مُحدّدة.
وقف التطويع لصالح المؤسّسات العسكريّة والأمنيّة، وخفض عدد التلامذة الضُبّاط الذين يتمّ تطويعهم دوريًا إلى النُصف تقريبًا، بالتزامن مع إعادة تنظيم مسألة التقاعد من المؤسّسات العسكريّة، لجهة عدم السماح بالتقاعد المُبكر من دون مُبرّرات مقنعة، وتصعيب الإنتقال من رتبة إلى أخرى والذي كان يتمّ بشكل شبه تلقائي عند إنقضاء مجموعة من سنوات الخدمة، وذلك تجنّبًا لإيجاد ثغرات في الهرميّة العسكريّة. وكذلك، إعادة جدولة الرواتب التقاعديّة والنسب التي تُحسم من الجسم العسكري في مُقابل الإستفادة من خدمات الطبابة والإستشفاء.
إعادة دراسة مسألة تقاضي أكثر من راتب من الدولة اللبنانيّة في آن واحد، مع إتجاه لأن يتقاضى الأشخاص المعنيّون بهذه الحالة بالتحديد، الراتب الأعلى فقط.
ولفتت الأوساط عينها، إلى أنّ الإجراءات المُرتقبة ستشمل أيضًا – في حال المُوافقة عليها خلال مجلس الوزراء، زيادات مالية مُختلفة، أبرزها:
زيادة الرسوم التي تفرضها خزينة الدولة على صفيحة البنزين وعلى بعض المُشتقّات النفطيّة الأخرى.
زيادة قيمة الضرائب على مجموعة من الرسوم التي يفرضها الأمن العام على المعابر، بمُختلف أنواعها، وإلغاء الكثير من الإعفاءات الجُمركية، باستثناء تلك التي تعود إلى حالات مُحدّدة مُرتبطة بذوي الحاجات الخاصة، وتلك المُرتبطة بالقطاعين الزراعي والصناعي، وكذلك باتفاقات تبادل ثُنائي مع دول مُعيّنة.
وضع رسوم على مالكي لوحات السيارات التي تحمل أرقامًا مُميّزة.
فرض إجراءات على القطاع المصرفي، تشمل من جهة المصارف نفسها وأرباحها، لصالح المصرف المركزي، لجهة خفض الفوائد التي تتقاضاها هذه المصارف على سندات الخزينة، وتشمل من جهة أخرى المُودعين، لجهة رفع نسبة الضرائب على فوائد المبالغ المُودعة في المصارف من 7 إلى 10 %.
إتخاذ إجراءات مُشدّدة بشأن تحصيل غرامات مُخالفات السير، وتحويلها مُباشرة لصالح خزينة الدولة، وليس إلى قوى الأمن أو البلديات.
تفعيل عمليّات الجباية وتحصيل الرسوم العائدة لقطاعات الدولة المُختلفة، والتشدّد في مُكافحة التهرّب الضريبي على إختلاف أنواعه.
خفض المُساعدة المالية التي تقدّمها خزينة الدولة لصالح مؤسّسة كهرباء لبنان، باعتبار أنّ العجز الذي تُعانيه هذه المؤسّسة يجب أن ينخفض تدريجًا وبشكل تصاعدي بحسب خطة النهوض المرسومة.
خفض تكاليف السفارات اللبنانية في العالم والبعثات اللبنانية إلى الخارج.
خفض المُساعدات المالية التي تُقدّمها الدولة للنقابات والجمعيّات والأنديّة وغيرها من الجهات، وكذلك التعويضات التي تُعطى للمدارس المجانية أو نصف المجانيّة.