IMLebanon

تغليب لغة العقل

على وقع الحملة المسعورة التي يشنّها حزب الله على المملكة العربية السعودية وتصدّي تيار المستقبل رئيساً ونواباً لها، عقد التيار والحزب أمس الجولة العاشرة من الحوار المفتوح بينهما على كل الاحتمالات، ودارت المناقشات في هذه الجولة حول حملة حزب الله وردود الفعل عليها قبل الانتقال إلى الملفات الأخرى العالقة وأهمها خطة بيروت الأمنية.

أهمية هذا الاجتماع في انعقاده وسط تصعيد الحملات المتبادلة بين الفريقين والتي بلغت الذروة في حديث السيّد حسن نصر الله إلى الفضائية السورية ما ترك انطباعاً عاماً عند المتابعين للحوار بأنه توقف عند الحدود التي وصل إليها، بل عاد إلى نقطة الصفر، ذلك أن العنوان الرئيسي للحوار كان وقف الاحتقان السياسي من خلال وقف الحملات الإعلامية والتركيز على التهدئة، منعاً لانفلات الأمور من عقالها والوقوع في المحذور، في الوقت غير المناسب، ولا سيّما بالنسبة الى حزب الله المنشغل بما يدور حول لبنان من أحداث وتطورات خطيرة إلى حرص التيار على التهدئة والخروج من المتاريس السياسية التي قاربت الخطوط الحمر غير المسموح لأحد من الأفرقاء اللبنانيين تجاوزها بقدر ما هم جميعاً ملتزمون بالعمل على تهدئة الأجواء الداخلية لإبعاد النار التي تهب من الجوار.

لكن تجاوز حزب الله لهذه الخطوط الحمر بعد الحملة الشعواء التي شنّها على المملكة العربية السعودية وسط تصعيد إعلامي غير مسبوق في العلاقات الدولية، أسقط كل جهود التهدئة التي بذلها الفريقان على مدى الجولات التسع السابقة ووضع الجميع أمام خيار وحيد وهو العودة إلى التصعيد في الخطاب السياسي إلى ما كان عليه وربما أكثر قبل الاتفاق على الحوار وجعله ممراً للتهدئة الإعلامية بين الفريقين من أجل تنفيس الاحتقان في الشارع وقطع الطريق على النار التي تهب على الداخل اللبناني من الجوار الملتهب، فهل ثمّة أمل بعد الجولة العاشرة من الحوار لوقف التصعيد الإعلامي والسياسي من جانب حزب الله والردّ عليه بذات اللغة من تيار المستقبل، والاتفاق مجدداً على تبريد الساحة الداخلية وتكاتف الجهود للحؤول دون وصول نار الجوار إليها، وسقوط على الرهانات الى عزم اللبنانيين على الحفاظ على الهدوء ومنع انطلاق شرارة النزاعات الداخلية غير السياسية.

إحتمالات التوافق على نزع فتيل الفتنة يبدو أنه ما زال قوياً، وأنه ما زال بالإمكان خفض سقف الحملات المتبادلة بين الفريقين وتحكيم العقل على الانفعالات الشخصية وتغليب المصلحة اللبنانية على كل المصالح الخارجية ولا سيما المصلحة الإيرانية التي دفعت حزب الله وأمينه العام للعودة إلى لغة التصعيد السياسي من باب الحملة على عاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية، من دون الأخذ في الاعتبار مدى ردود الفعل عليها من الفريق الآخر ولا سيما من شريكه في الحوار والعمل على تبريد الأجواء الداخلية تيار المستقبل.

إن الإصرار على استمرار الحوار بين الفريقين لهو أكبر دليل على أن الحزب كما تيار المستقبل لن يفرطا به، رغم أن التطورات التي يعيشها الإقليم قد تجاوزتها.a