اكتمل المشهد بإيقاف بث قناة «المنار» عبر قمر «عربسات» وأصبحت الصورة أشدّ وضوحاً، فالخطوة بفداحتها الإعلامية والسياسية والأخلاقية مثقلة بالدلالات الكاشفة لمدى الإسفاف الذي وصلت إليه الأمور، وخطورتها المتعدّدة الأبعاد، لذا لا بدّ لنا في هذا السياق من الإضاءة على المسائل التالية:
1 ـ إن ضيق الصدر بالكلمة الإعلامية التي تنقل وقائع موثقة قد بلغ مداه، إذ إن بعض الأنظمة لا تريد أن تتكشّف مسارات بطولاتها المزيّفة، وقدراتها الواهية، وعزيمتها المتلاشية وسقوطها الاستراتيجي المدوّي، فلم تجد سوى اللجوء إلى أسلوب القمع البائد، لإسكات الصورة والصوت، وكأن «المنار» وقبلها «الميادين»، تتحمّلان مسؤولية تقديرهم الخاطئ وفشلهم الذريع.
2 ـ إن سياسة كمّ الأفواه بالطرق المتعددة سواء بالإغداق المتوالي للأموال على الكثير من القنوات العربية والأجنبية إما لمواكبة المغامرات، أو لإشاحة البصر عنها، والسكوت على كل الفظائع التي تجري بحقّ اليمنيين بشراً وحجراً، نجح إلى حدٍ بعيد في التعتيم على أحداث اليمن وتهميش خبرها، ولأن «المنار» لا يمكن تدجينها أو إدخالها في سوق الأسعار الإعلامية، ولأنها اختارت أن تنقل بأمانة ما يجري في اليمن، كانت خطوة الإيقاف كمدرسة جديدة في عالم الفضائيات، تظن أنها بعملها تستطيع أن تلغي الحقائق، أو أن تمنع وصول ما تبثه المنار بوسائل أخرى وأقمار مضيئة.
3 ـ إن هذا العقل الأحادي المتسلّط، أحد أسباب التخلّف في المنطقة، فمن يعتقد أن المال والسيطرة ومنع الإعلام من البث سيغيّر الحقائق.. فهو واهم.
كما أن امتلاك الأسلحة النوعية من طائرات ودبابات وأسلحة مختلفة، لا يمكن أن تغير الموازين ما لم تقترن بالإرادة والقوة الواثقة التي تحمل قضية محقة. وما العجز المتصاعد في الميدان اليمني إلا ترجمة أمينة لهذا الطريق المهلك.
4 ـ إننا من باب التناصح والإشفاق على شعوبنا التي أصبحت حقول اختبار لنـزوات الأحلام السياسية المستحيلة لدى البعض، ندعو إلى مراجعة شاملة وإلى التعقل وإحلال مصالح الشعوب وتطلّعاتها في المرتبة الأولى لا العكس…
«المنار» شئتم أم أبيتم ستبقى تصدح بالحقيقة، ولن تنفع المليارات الإعلامية في تغيير الواقع، وكذلك المليارات التي استجلبت سلاح القتل والدمار ومسلحي الموت إلى سوريا، في أن تحقق أحلاماً ضائعة للبعض..
خذوا البوصلة إلى فلسطين. هناك تستطيعون بناء أمجادكم ولا تأتوا بإسرائيل إليكم بالتواءات معروفة تأخذ شكل القنصليات والغرف التجارية وغيرها، لأن في ذلك نذير شؤم يؤدي إلى سقوطكم.