IMLebanon

منع الفاكهة والخضار السورية: سيف ذو حدّين

منع الفاكهة والخضار السورية: سيف ذو حدّين

دمشق تتجه الى التصعيد وشهيّب يحذّرها من التهوّر

تتجه سوريا نحو التصعيد ضد قرار وزير الزراعة أكرم شهيب القاضي بمنع دخول شاحنات الخضار والفاكهة من منشأ سوري إلى لبنان بهدف حماية المزارع اللبناني. فقد أعلن إتحاد المصدرين السوريين نجاح اتفاقية فتح خط للتصدير البري مع العراق، التي ستدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل، فيما أكد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري بدء تقييم أثر هذا القرار على حركة الصادرات وتعزيز حصة الأسواق البديلة ودراسة آليات جديدة لضبط الميزان التجاري مع لبنان

بداية هذا الشهر جدّد وزير الزراعة أكرم شهيب قرارا سابقاً بدأ العمل به منذ نيسان الماضي بـ”منع إدخال شاحنات الخضار والفاكهة من منشأ سوري إلى لبنان” لغاية بداية شهر شباط من عام 2017، بهدف “حماية المزارع اللبناني وإنتاجه في مواجهة دفق البضائع السورية”، وفق ما صرّح به شهيب لـ”السفير”.

حذّر شهيب من رد فعل سوريّ مضاد ومتهور، مهددا بقطع الترانزيت لتصدير البضائع السورية من مطار بيروت الدولي، ومشيراً إلى أن “أي قرار سوري بإقفال الحدود أمام الشاحنات اللبنانية لن يكون مؤثراً لأن سوريا لم تعد ممراً لمعظم المنتجات الزراعية”. إلّا أنّ هذا التهديد لا يبدو أنه سيردع الطرف السوري عن الرد بالمثل، الذي بدأ يظهر في تصريحات وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري واتحاد المصدرين السوريين.

الشحن البري الى العراق

فقد اعلن إتحاد المصدرين عودة “الشحن البري الى العراق اعتباراً من الاسبوع المقبل بعد انجاز مذكرة التفاهم بين الاتحاد ووفد محافظة كربلاء”، وهدّد بعدم إدخال الموز اللبناني الى سوريا واستبداله بالموز “الإكوادوري”، الذي يدفع رسوم جمركية للخزينة، كذلك التدقيق في أوراق السيارات التي تحمل يوميا بضائع لبنانية الى سوريا.

أمّا وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري همام الجزائري، فقد أعلن في بيان نشره موقع “البعث أونلاين” أن “سوريا ستبدأ بتقييم أثر هذا القرار على حركة الصادرات وتعزيز حصة الأسواق البديلة، كما ستدرس آليات جديدة لضبط الميزان التجاري مع لبنان”.

منذ بداية هذا العام حتى نهاية نيسان الماضي بلغ حجم إستيراد الفاكهة والخضار من سوريا إلى لبنان نحو 27 ألف طن بقيمة 23 مليون دولار، مقابل تصدير من لبنان الى سوريا 17 الف طن بقيمة 9 ملايين دولار. أمّا في الأعوام السابقة، فقد استورد لبنان من سوريا 91 الف طن من المنتجات الزراعية عام 2015، وصدّر 35 الف طن، وفي عام 2014 استورد 85 الف طن مقابل تصدير 66 ألف طن.

رأى الجزائري أن قرار شهيب “بصيغته الحالية يرتب أعباء مالية غير مبررة على الجانبين اللبناني والسوري”، موضحا أن “القرارات المتعلقة بالتبادل التجاري الدولي ترتبط دوماً وتقليدياً بمهلة زمنية قبل التطبيق الفعلي لأي قرار لضمان حماية الفعاليات التجارية في البلدين وتجنب إشكاليات حقيقية ترتبط بعملية الاستيراد والتصدير وتسديد القيمة”. وأضاف ان “هناك فعاليات تجارية لبنانية متضررة من القرار اللبناني الذي صدر دون أية مهلة مرفقة به، وكذلك هناك المزارعون والمصدرون السوريون، وهناك من سدد قيمة بضائعه مسبقاً، ومن يتوقع سداد قيمة بضائعه المشحونة”. واستغرب الجزائري “اتخاذ هذا القرار في هذا التوقيت”، أي “بعد انتهاء محصول الموز اللبناني الذي أعفته الحكومة السورية من الرسوم الجمركية من اجل دعم ومساندة المزارعين اللبنانيين، وتم تعليق الاستيراد من مصادر أخرى رغم اقترانها بالرسوم الجمركية”.

موقف المزارعين المحليين

على الصعيد المحلي، حاولت مصادر مقربة من شهيب التخفيف من حدّة قراره، اذ رأت أنّ القرار “أقرب إلى فرض إجازة مسبقة على الإستيراد من منع دخول الشاحنات بالمطلق”، طالبةً “عدم المبالغة في التعاطي معه باعتباره منعاً نهائيا”. كذلك اعلن وزير الإقتصاد ألان حكيم “دعمه للقرار الذي سيضع حدا لغرق السوق اللبنانية بمنتجات منافسة من الخارج”، مشيراً إلى انه “إذا كان لدينا حاجة لبعض المنتجات من سوريا بالطبع فستمر ويجب أن نتوصل الى حل متوازن بين الدولتين”.

وجهات النظر تختلف بين جمعية المزارعين التي ترى في قرار شهيب ضرراً، ونقابة الفلاحين الداعمة والمطالبة بهذا القرار منذ مدة. يرى رئيس جمعية المزارعين أنطوان حويك أن للقرار تبعات سلبية على المزارع اللبناني “فقرار المنع ضمن المنطق التجاري سيف ذو حدين، إذ يفيد أصنافا معينة ويضر بأصناف أخرى”. يقول الحويك “لا شك أن هناك كميات كبيرة من الخضار والفاكهة يتم استيرادها من سوريا وهناك منافسة قوية، إلا أن هذا القرار سيخلق أزمة مع السوريين أولى بوادرها الخط الذي تم فتحه مع العراق للتصدير”. يرى الحويك انه “كان من المفترض أن تحصل مناقشات مع الجانب السوري للإتفاق على حد أقصى من البضاعة المستوردة عبر اتفاق ودي لا عبر هذا القرار الذي قد يُقابل بمنع دخول المنتجات الزراعية اللبنانية الى سوريا”. تعدّ الحمضيات والبطاطا والموز الصادرات الأساسية من لبنان إلى سوريا، إذ “يذهب 90% من إنتاج الموز في لبنان إلى السوق السورية”. وإذا كان شهيب قد راهن على انتهاء موسم الموز فإن الموسم المقبل ليس ببعيد إذ سيبدأ، وفق الحويك، في أيلول المقبل وسيواجه مزارعو الموز مشكلة كبيرة. يؤكد الحويك أنه “مع الحماية المطلقة للمزارع اللبناني لكن يجب الأخذ بعين الإعتبار ان لدينا منتجات نحتاج إلى تصديرها”. برأيه، هناك خيارات كثيرة يمكن اللجوء اليها لحماية الإنتاج المحلي عوض المقاطعة، لافتاً الى “الرزنامة التي أُنجزت عام 2007 بين لبنان والدول العربية لفرض رسوم جمركية على السلع خلال أشهر معينة لحماية الإنتاج، إلا أنها ألغيت عام 2012 بسبب اعتراض مصر عليها وعدم دفاع وزير الزراعة السابق حسين الحاج حسن عنها”، إضافةً إلى وضع مواصفات جمركية دقيقة. أمّا الجهد الأساسي، فيجب أن يتركز على وقف خط التهريب القائم بين لبنان وسوريا والذي يتم عبره تهريب كميات كبيرة من المنتجات الزراعية.

أمّا رئيس نقابة الفلاحين ابراهيم ترشيشي، فيرى أن “القرار إيجابي ولمصلحة المزارعين ونحن طالبنا فيه كتجمّع ليس حبا بالمقاطعة انما لتحقيق مصلحة المزارع اللبناني”. يلفت ترشيشي الى ان “القرار ليس مقاطعة إنما هو نوع من فرض الإستحصال على إجازة استيراد، تماماً مثلما يفعل الطرف السوري الذي يفرض علينا الحصول على اجازة استيراد، في وقت تحتدم فيه المنافسة في السوق وتتضاءل فرص التصدير اذ لم يعد لدينا سوى البحر”. في المقابل يؤكد ترشيشي أن “هذا القرار لن يؤدي الى شيء ما لم يتم ضبط عمليات التهريب، وإلا فسيعزّزها”. لكن ماذا عن ارتفاع أسعار الخضار والفاكهة بسبب انخفاض العرض؟ يجيب: نحن اليوم في ذروة الإنتاج والمزارع يبيع إنتاجه بنسبة 70% من الكلفة، ولدينا غزارة في الإنتاج أكثر من السنة الماضية بنسبة 40%.