Site icon IMLebanon

سابقة الحافظ وميقاتي؟!

في العام 1973، اختار الرئيس الراحل سليمان فرنجيه نائب طرابلس المرحوم الدكتور امين الحافظ ليشكل حكومة العهد الثانية في اجواء متوترة بين الدولة والمسلحين الفلسطينيين بقيادة ياسر عرفات، ظناً منه ان العلاقة الجيدة التي تربط الحافظ وزوجته بالمقاومة الفلسطينية، كفيلة بتبريد الاجواء، بين الفلسطينيين ورئاسة الجمهورية، لكن المفاجأة كانت بمسارعة رئيس الحكومة الراحل رشيد كرامي، الذي كان الحافظ يترشح للنيابة على لائحته، الى رفض التكليف، معتبراً ان استبعاد القيادات السنية المعروفة، استهتار باهل السنة، وشاركه في موقفه مفتي الجمهورية، ورجال الدين وجميع القيادات السنية البيروتية، وغير البيروتية، ما اضطر امين الحافظ الى تقديم استقالته قبل المثول امام مجلس النواب لنيل الثقة، وجاءت الاستقالة بعد التشاور مع الرئيس الماروني «القوي» صاحب الصلاحيات الكبيرة والكثيرة، كما كان يقال.

في المقابل، وبعد اسقاط حكومة سعد الحريري بالطريقة المهينة لبنانياً وشخصياً التي جرت اثناء اجتماع الحريري بالرئيس الاميركي اوباما في البيت الابيض، جرت استشارات مشكوك بديموقراطيتها وحريتها، وكلّف نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة، التي استمرت اكثر من ثلاث سنوات، على الرغم من التظاهرات الشعبية في طرابلس وعكار والاقليم وبيروت، ووقوف المفتي ورجال الدين ضد تكليف ميقاتي.

هاتان الحالتان، المختلفتان في النتيجة، تعطيان برهاناً على امرين، الاول ان الرئيس الماروني القوي، لا يمكن ان يستخدم قوّته المستمدّة، حتى من الصلاحيات المعطاة له، للوقوف في وجه اكثرية طاغية لطائفة اساسية، والثاني، ان الشخص المعني مباشرة بالحالة، هو الذي يزين وطنياً، اين هي مصلحة البلاد، بالتخلّي الطوعي كما فعل امين الحافظ، او التمسّك بالعناد والسلطة، كما فعل نجيب ميقاتي؟

ان ما ينطبق على رئاسة الحكومة، ينسحب ايضاً على رئاسة الجمهورية الشاغرة منذ سنتين وشهرين، وليس هناك بصيص امل، بايام او بشهور قليلة، على اقلّه قبل الدخول في معمعة الاستحقاق النيابي في شهر ايار 2017، في انتخاب رئيس جديد، خصوصاً بعد نفي رئيس المجلس النيابي نبيه بري ان يكون حصل تفاهم بينه وبين الوزير جبران باسيل على موضوع الرئاسة، موضحاً على طريقته ان «كل شي بحسابو وعدس بترابو» بما يفهم من هذا المثل الشعبي ان التفاهم على النفط شيء، والتفاهم على الرئاسة تلزمه «مفاوضات» اخرى مختلفة، وقد يكون دافع تحرّك رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع باتجاه سعد الحريري ووليد جنبلاط، تخوّفه من سقوط النظام واتفاق الطائف في حال دخل لبنان في حمّى الاستحقاق النيابي من دون رئيس للجمهورية، كما ان العماد ميشال عون قد يكون شعر بان حلفاءه وخصوصاً حزب الله ليسوا بوارد بذل مجهود لتذليل العقبات امام وصوله الى بعبدا، فانطلق بالتفاهم والتنسيق مع جعجع على دق ابواب دار الافتاء، ودارة الرئيس بري في عين التينة، والكشف ان العلاقات مع سعد الحريري غير مقطوعة، ولو ان هناك خلافات سياسية قائمة يجري العمل عليها. فهل تكلّل هذه الجهود بالنجاح، ويختفي العشب من طريق قصر بعبدا، او يقع المحظور ويقع الوطن؟؟

الجميع بانتظار الدخان الابيض من مدخنة مجلس النواب.