لاحظَ اللبنانيون الذين ترددوا، في الأيام الأخيرة، على المتاجر الكبرى، السوبرماركات خصوصاً، أن ثمة شيئاً مذهلاً لم يستطيعوا أن يجدوا له تفسيراً سوى أنهم يعيشون في غابة فالتٌ مِلَقُّها من كل عقال، يأكل قويُّها ضعيفَها، مثل كواسر الحيوانات، مع فارق أن الحيوان أكثر رحمةً، لأنه لا يفترس سواه إلا إذا كان على جوع… أمّا الذين يأكلوننا فهم على تخمة… ومع ذلك لا يقفلون أشداقهم، ولا هم يشبعون من أكل المال الحرام… إنهم فعلاً من دون ضمير، ولا وجدان، وطبعاً لا علاقة لهم بالأخلاق وسُلَّم القيم على الإطلاق.
وكي لا يبقى الكلام في الهواء، نشير إلى ما يرافق ارتفاع سعر الدولار وهبوطه، من ارتكابات هي، في تقديرنا، جريمة موصوفة:
منذ نحو دزينة من الأيام توالى هبوط الدولار الأميركي نحو دزينة من آلاف الليرات اللبنانية، وبالتحديد هبط الدولار بنحو ثلاثة وثلاثين في المئة من سعره قياساً إلى الليرة اللبنانية… والسؤال: هل تراجعت أسعار السلع بالنسبة ذاتها؟!.
الجواب، ببساطة: حتى يوم أمس لم يكن قد تراجع على الإطلاق. والأنكى، وطبعاً المؤلم، أن سلعاً عديدة رفعوا أسعارها عما كانت عليه عندما الدولار بثلاثة وثلاثين ألف ليرة. وبين هلالين أخبرنا خبيرٌ بلعبة التسعير أنه عندما بلغ الدولار عتبة الـ 33 ألفاً، سعّروه على الـ 36 ألف ليرة لبنانية. أجل ! هكذا.
وقد يقول قائلٌ إن النية متجهة لتخفيض الأسعار، ولكن الأمر يستغرق وقتاً. أوليس هذا ما قاله لنا أصحاب الشأن في هذا القطاع؟!.
ولكن الجواب أشد بساطة من نفاقهم، وأكثر صدقاً من كذبهم وألعبنياتهم.
وهو: لماذا عندما يرتفع الدولار تطير أسعار السلع ليس في اليوم التالي، وإنما في اللحظة ذاتها. وكم مرة عاينّا، بأم العين، برابرة هذا الزمن يعدّلون الأسعار (صعوداً بالطبع) بين دقيقة وأخرى، ثم يمسحون السعر عن الجهاز، وإذا سألتهم: لماذا؟!. يأتيك الجواب جاهزاً بتكرار ببغائي: نحنا ما خصّنا، هيدي التعليمات… وأمّا السلطة ففي كوكب آخر.