IMLebanon

تسعير الدواء… “آلية جديدة” تُفرمِل التخفيض!

 

سياسة “البطولات والصولات والجولات” من أجل تلميع الصورة الشخصية ومن خلالها الحزبية انطلاقاً من مبدأ “لدينا أكفاء وصيت حسن”، لم تعد تنفع في زمن الثورة… ووزارة الصحة ليست استثناءً، لا سيما إذا أتت النتيجة على شاكلة “فرملة” تخفيض سعر الدواء، وفق التعديلات التي كانت قد أدخلت سابقاً، في مخالفة واضحة للقانون اللبناني.

“الشخص المناسب، في المكان المناسب”… تحت هذا الشعار يتم التعاطي مع أخبار الدكتور جميل جبق في وزارة الصحة العامة، ولا سيما مع تسويق بعض “الإنجازات” التي تعطي الأمل للمواطن اللبناني، خصوصاً في موضوع “خفض سعر الدواء والحد من الإحتكار”.

 

عناوين عريضة كافية أن يرفع لها المواطن قبعته، في ظل الضائقة الإقتصادية التي تعصف باللبنانيين جميعاً. إلّا أنّ لـ”إنجاز” إتباع آلية جديدة لتسعير الدواء، وجهاً آخر “مرّاً”، يشير الى عكس تمنيات المواطنين، ويتضمن رفع الأسعار عما كانت عليه سابقاً، في مخالفة واضحة للقانون اللبناني.

على أي حال، ولدى استيضاحه عن “الآلية الجديدة”، على هامش الحملة الوطنية للتلقيح ضد الحصبة، كان جواب الوزير جبق لـ”نداء الوطن”: “لا يمكن إختصار هذه الآلية في كلمتين على “الواقف”، لأنها ترتكز على سعر الدواء في بلد المنشأ والبلدان المحيطة”، مضيفاً: “حاولنا توحيد الأسعار ما بين بلد المنشأ والدول المحيطة، واعتماد السعر الوسطي وإضافة 10 في المئة لدعم الصناعة المحلية. وهذه الخطوة، تُعتمد للمرة الأولى في لبنان. ففي السابق كانت الآلية إستنسابية، وكان الوزراء السابقون يعملون بقانون عشوائي يرتكز على سعر الدواء في بلد المنشأ وتضاف إليه مبالغ تفوق قدرة المواطن اللبناني على التحمل”. عدنا الى أرشيف وزارة الصحة العامة “على القاعد”، وتحديداً إلى القرار رقم 306/1 – أسس تسعير الدواء الصادر في الجريدة الرسمية في العدد 25 في 9/6/2005، حيث يتبين أنّ اعتماد السعر “الوسطي” للدواء مخالف للقانون، الذي يشترط إعتماد السعر الأدنى. وتنص المرحلة الأولى من ملخّص أسس تسعير الأدوية المستوردة بالهيكلية على الآتي:

المرحلة الأولى: تحديد سعر استيراد الدواء المجاز- فوب (fob) أو سيف (cif) – في العملة الأجنبية على أن يكون:

 

– موازياً للسعر الذي يدفعه الموزِّع (ex-factory price) في “بلد المنشأ”.

 

– موازياً لأدنى سعر من أسعار التصدير إلى البلدان المجاورة للبنان ذات الاقتصاد الشبيه له، وعددها سبعة (الاردن، المملكة العربية السعودية، الكويت، عمان، الإمارات العربية، البحرين، قطر).

 

– موازياً لأدنى سعر من الأسعار التي يدفعها الموزِّعون (ex-factory price) في “بلدان المقارنة” الأوروبية، وهي سبعة (فرنسا، المملكة المتحدة، بلجيكا، سويسرا، ايطاليا، اسبانيا، البرتغال).

 

– واجب إعادة تحديد سعر الاستيراد المجاز كل خمس سنوات بعد أول تحديد.

 

وفي هذا الاطار، سؤال يطرح نفسه: وفق أي قاعدة حسابية، يمكن أن يكون اعتماد السعر الوسطي للدواء أقل كلفة على المواطن مقارنةً باعتماد السعر الأدنى؟ وهل أصبحت استفادة وكلاء الأدوية في لبنان، أهم من مصلحة المواطن؟.

 

أمّا في شأن “آلية تطوير تسعير الدواء بحسب المدّة الزمنية”، والتي كان الوزير السابق غسان حاصباني قد عمد إلى تقصيرها، (بحيث تصبح عملية إعادة التسعير في الشهر الأول من السنة الثالثة بعد تسجيل الدواء في لبنان عوض السنة الخامسة، وصدرت حينها مذكرة جاء فيها: “يتوجب على المستورد تقديم مستندات إعادة تسعير الأدوية العائد تاريخ إعادة تسعيرها الى العام 2019، خلال الشهر الأول من السنة. أمّا الأدوية العائدة للعام 2020 فتعطى مهلة أقصاها 30 آب 2019 والأدوية العائدة للعام 2021 تعطى مهلة أقصاها 1 تشرين الثاني 2019”)، فعمد جبق عند استلامه الوزارة، إلى وقف العمل بهذه المذكرة، ومن ثمّ اعادة العمل فيها مجدداً، وفق ما ورد في مذكرة معدّلة، جاء فيها: “يُطلب من لجنة تسعير الأدوية إعادة العمل بالمذكرة رقم 115 تاريخ 27/11/2018، أي إعادة تسعير الأدوية العائدة للعام 2020 على أن يطبق السعر بتاريخ 15/12/2019 والأدوية العائدة للعام 2021 على أن يطبق السعر بتاريخ 15/3/2020”.

 

وبذلك، تكون نتيجة “الإنجاز” وفق الخلاصة التالية… تأخير خفض أسعار بعض الأدوية من شهر آب حتّى اليوم، وتأخير خفض سعر أدوية 2021 إلى السنة المقبلة!