في خريطة توزّع القوى السياسية في قضاء الكورة، لا يحتل التيار الوطني الحر المراتب الأولى. فالغلبة في بلاد الزيتون لا تزال للحزب السوري القومي الاجتماعي وعدد من الشخصيات المستقلة.
هذا الأمر، إضافة إلى التحالفات السياسية التي لا تصبّ دوماً في مصلحة التيار البرتقالي، فرضا أن لا يكون لعونيي الكورة ممثل في المجلس النيابي. إلا أن ذلك لا يعني أن قيادة التيار أسقطت الكورة من قائمة اهتماماتها. صحيح أن هذا القضاء «هو من الأقضية الصغيرة ولكنه ممثل بثلاثة نواب. العين على الكورة والتيار لا يُمكنه أن يغيب عنها خاصة أنه من القوى الأساسية»، يقول مقربون من القيادة.
نص النظام المعمول به في «التيار» على أن العدد المطلوب من الفائزين في الانتخابات التمهيدية في كل قضاء، يجب أن يكون عدد مقاعد الدائرة مضروباً بـ1.5. على هذا المقياس، كان من المفترض أن يكون في الكورة أقلّه 5 فائزين (الدائرة تضم 3 مقاعد نيابية)، إلا أنّ أربعة حزبيين فقط تقدموا بطلبات ترشيحهم، ليتقلص العدد إلى ثلاثة، بعد رفض طلب ميشال الزاخم لعدم مطابقته الشروط المطلوبة.
يقول عطالله إنها معركة تثبيت المرشح الأساسي في الكورة
المرشحون «الأرثوذكس» الثلاثة هم: مرشح التيار إلى الانتخابات النيابية ومنسق هيئة القضاء السابق جورج عطالله (من بلدة كفرعقا)؛ العميد أنطونيوس ناصيف (أميون) الذي كُلف تأليف هيئة القضاء سابقاً قبل أن تؤول المهمة إلى نبيل حريكة لتعذّر إتمامها على يد «العميد»؛ والمرشح الثالث هو أحد مؤسسي التيار في نيجيريا عمر طالب (أميون). سيُحاول هؤلاء اجتذاب العدد الأكبر من حاملي البطاقات الحزبية التي لا يتعدّى عددها 300 بطاقة، والذين يتوزعون أساساً على بلدات: أنفة، أميون، فيع وكفرعقا.
عدد المرشحين الزهيد أوحى أن لا معركة حقيقية في الكورة. ينفي عطالله ذلك، «هناك من يريدها معركة ليقول إن هناك حالة جديدة في القضاء دون الأخذ في الاعتبار وجوده وعلاقته مع أبناء التيار، وهناك من يضغط على الناخبين للتأثير بخياراتهم. وأنا من جهتي أتعامل مع الأمر بجدية. أزور بعض الناخبين، وأتواصل هاتفياً مع البعض الآخر». المعركة بالنسبة إلى عطالله لها طابع «تثبيت المرشح الأساسي في الكورة وإطلاق المعركة النيابية». هو يُخرجها من طابعها الحزبي لأنه «داخلياً النتيجة محسومة»، موحياً أنه هو الرابح الأول. العميد ناصيف مرتاحٌ على وضعه أيضاً، خاصة أنه يحظى بدعم الزاخم الذي جير له أصواته، «بدك الصراحة أو أختها؟ بصراحة الانتخابات شغلة منيحة لأن عندي رصيد مهم ولكن قصة الاستطلاع بتخوّف. كمان بالاستطلاع (يشمل عينة من كافة ناخبي القضاء لا الحزبيين وحسب، وتجريه القيادة الحزبية لتحديد الأكثر شعبية في القضاء بين المرحشين الفائزين في الانتخابات الحزبية) أنا أكيد الأول. بس كلنا منعرف كيف بتصير بلبنان». يرى ناصيف أن رصيده ناتج من علاقته «بمجموعة كبيرة من الهيئات المحلية التي رشحتني». يُشكك عدد من العونيين بقدرات «العميد»، خاصة أنه لم يتمكن سابقاً من تشكيل هيئة قضاء. «أولاً إن الجنرال (ميشال عون) هو من اتصل بي شخصياً طالباً مني أن أكون منسقاً ووافقت شرط أن أختار أنا الأعضاء، ولكنهم أرادوا تسليمي هيئة معلبة».
بين عطالله وناصيف، يقف عمر طالب مُدركاً بـ«واقعية وبراغماتية» أن وضعه صعب. عاد من نيجيريا عام 2013 ليجد «تكتلين كبيرين في القضاء. نتيجة عملهما، تمكّنَا من بناء قاعدة تميل إليهما. أما أنا فعدت حديثاً». يقول إنّ هذه التجاذبات «خلقت اصطفافات قوية»، لذلك «أتكل على الناس الذين يُفكرون مثلي، فنحن شبعنا تجاذبات تُعرقلنا ونريد أن نرى عملاً جامعاً». طالب يتواصل مع عطالله «وأنا أتقرب منه»، في حين أنه «لا تواصل مع العميد ومن يدعمه». يعرف أن الظرف ليس لمصلحته ولكن «التوقيت انفرض عليي بسبب المواعيد الحزبية. ممكن أن لا تكون النتيجة قوية ولكن نكون قد قدمنا خياراً ثانياً. سوف أخضع للعبة الديمقراطية».
تعتبر مصادر مُقربة من قيادة التيار أنّ عطالله يملك الحظوظ الأوفر بين المرشحين الثلاثة لعدة أسباب، «أحد الأمور الأساسية تواصله مع القاعدة». مصادر عونية أخرى تُخبر عن عطالله الذي «خصص ثلاثة أيام في الأسبوع للتنقل بين الوزارات في بيروت ومتابعة ملفات الناس الإنمائية». أسهم ذلك «في خلق حالة عونية موجودة في القضاء وهي ليست محصورة بشخص». بالنسبة إلى المصادر، «على الرغم من أن المرشحين الآخرين ليسا فاعلين في الكورة، خاصة على المستوى الشعبي، إلا أن ذلك لا يعني أنّ من الصعب عليهما أن ينالا العدد المطلوب من المقترعين (ثُلث عدد المقترعين مقسوماً على 3)»، من أجل أن ينتقلا إلى المرحلة الثانية، أي استطلاع الرأي. بعدها يبقى أن ينتظر المرشحون رأي القيادة الحزبية والقانون الانتخابي الذي على أساسه ستُخاض الانتخابات والتحالفات، ليروا إن كانت جهودهم ستُثمر أخيراً.