IMLebanon

الانتخابات التمهيدية لـ«التيار»: المعارضة «تناصف» القيادة

كان بإمكان قيادة «التيار الوطني الحر» أن تتباهى أمام زميلاتها في الأحزاب الأخرى، بأنها اختارت الديموقراطية عنواناً لأدائها وآليةً لاختيار مرشحيها الحزبيين بعد الاحتكام لسلطة الصندوقة، لو أنها حرصت على الإلتزام بحرفية المرحلة الاولى من الاستحقاق، ولم تتركها تتشوّه بلوثة «الاستثناءات» التي حرفتها عن مسارها. فحضرت وجوه «غير مستحقة» وغابت أخرى من دون أسباب معلنة، وأقفِزت فئة ثالثة الى المرحلة الثانية مباشرة…

كان بإمكانها أن تفاخر بأنها صاحبة أول تجربة من نوعها، ان لجهة اجراء الاختبار بحدّ ذاته أو اعتماد نظام one person one vote، والذي أريد منه قياس حيثية كل مرشح، ما يعني منح الفرصة أمام الحزبيين ممن تمكنوا خلال سنوات نشاطهم من مراكمة حضور حزبي، أو حتى اعتماد الأوراق المطبوعة سلفاً… لكنها حين غرقت بالتفاصيل أغرقت نفسها في وحول «صراع» موازين القوى. وآخر فصولها كان توقيت «طرد الثلاثي».

أما أبرز النتائج السياسية التي سجلها اليوم الانتخابي الطويل فهو تقديم المعارضين اثباتا جديدا على أنهم ليسوا قلة يمكن فصلها الواحد تلو الآخر، وانما يشكلون نصف المساحة البرتقالية، وسيصعب على القيادة «اقتلاعها» من الجذور. فيما تمكن كل من النواب ابراهيم كنعان، الان عون، سيمون ابي رميا، وزياد اسود من حجز مواقعهم النيابية لدورة جديدة وبرهنوا على أنّ كلاً منهم «حالة» بحد ذاتها في قضائه.

يمكن القول إنّ معركة بيروت في دائرتها الأولى كانت الأكثر دوياً بين رفيقاتها بفعل فصل زياد عبس الذي يقول مؤيدوه إنّ «شبحه» هو الذي خيّم على القصاصات الصغيرة، ليعيد تكريس نتائج الانتخابات المحلية بمناصفة نيكولا صحناوي «على المنخار»، فنال الأخير 184 صوتاً مقابل 180 صوتاً لعبس.

ولكن رمزية المعركة في العاصمة تتخطى مسألة الأرقام الى الرسائل التي وجهها العونيون. فقد تبيّن أن حالة الاعتراض الى اتساع لا انحسار اذا لم تبذل القيادة مجهوداً لاحتوائها خصوصأً وأن نصف القاعدة البيروتية صوتت لمرشح مفصول من الحزب. أما الرسالة الثانية مفادها أنّ هذه القاعدة كسرت حاجز الخوف وتجاوزت الهالة التي يمثلها الجنرال الذي اضطر للتدخل اعلامياً خلال الساعات الأخيرة ولكن من دون أن يغيّر النتيجة.

هكذا يقول عبس لـ «السفير»: لقد فصلونا بسلطة النظام واعيد انتخابنا بسلطة الناس. كذلك نتائج بيروت الثالثة لم تكن أقل اهمية حيث نال رمزي دسوم 115 صوتاً فيما حصد ادغار طرابلسي 52 صوتاً.

الى المتن الذي شهد «معركة الأرقام» ليسجّل أبرز المفاجآت الخارجة عن التوقعات. بعد ابراهيم كنعان الذي حلّ أولاً (429 صوتاً) من اصل 1400 ورقة اقتراعية، تمكن طانيوس حبيقة «المعارض» من صعود السلم واحتلاله المرتبة الثانية (190 صوتاً) أما الثالث فكان ابراهيم ملاح الداخل الى نادي المؤهلين بـ147 صوتاً، ليكون الياس ابو صعب الارثوذوكسي رابعاً بـ145 صوتاً، وادي المعلوف الكاثوليكي بـ108 أصوات، ولينتهي مسلسل المفاجآت باحتلال نبيل نقولا آخر الصف بـ94 صوتاً، مع أنّ الجنرال ميشال عون نفى أمام ضيوفه خلال الساعات الأخيرة اي امكانية لفصل نقولا كما أن رئيس الحزب جبران باسيل أبلغه أن قضيته لم تنعقد أي جلسة بخصوصها.

الى قضاء جبيل حيث حلّق النائب سيمون أبي رميا بسلّة أصواته مسجّلاً أعلى سكور برتقالي في لبنان حيث نال 696 صوتاً من اصل 1280 مقترعاً، ومازحه أحدهم بوصفه «اميل رحمة التيار»، فيما أثبت ناجي حايك أنه قادر على اكمال الطريق بعدما حصد 344 صوتاً ونال بسام الهاشم 125 صوتاً مع العلم أنّ الأخيرين كانا يتقاسمان الطبق ذاته.

أما كسروان، العمق الماروني، فكانت صادمة بنتائج صندوقتها لناحية عدد المقترعين (1100 من اصل 2100) مع أنّ الانتخابات المحلية شهدت مشاركة نحو 1800 حزبي، ما يعكس عدم قدرة المرشحين على جذب كل حاملي البطاقات البرتقالية الى حلبة المنافسة. ولكن بالنتيجة تمكن انطوان عطالله من حجز موقع له بـ328 صوتاً ليكون توفيق سلوم من بعده بـ213 صوتاً، وجوزيف بارود ثالثهما بـ182 صوتاً.

اكتسبت معركة جزين أهمية حين قرر زياد اسود وأمل ابو زيد تحييد نفسيهما عن المعركة، على اعتبار أن الأول كان مقدّرا له أن يفوز بالتزكية لو أن قيادة الحزب لم تفصّل تعميماً على قياس الثاني فسمحت له أن يقفز الى المرحلة الثانية من الاختبار مع أنه لا يتمتع بشروط الترشح أصلاً كون عمر بطاقة الحزبية أشهرا قليلة. ثم عادت وطلبت منه الترشح وأيضاً خلافاً للنظام الداخلي.

اقترح أسود الحياد ليس خشية على موقعه كما يؤكد وانما رغبة في التخفيف من حدّة التشنج والانقسامات التي أظهرتها الانتخابات البلدية في المنطقة. وبعدما نفض أبو زيد يديه من الاتفاق الذي أعلنه وأسود أمام الجمعية العمومية التي عقدت مساء الاثنين الماضي، عاد النائب الجديد الى أرض المعركة مدججاً بماكينة انتخابية يساندها مسؤولون من «المركزية»، بينما رفض زميله الماروني التشمير عن ساعديه ولم يسم حتى مندوباً يشارك في أعمال فرز الأصوات.

مؤيدو النائب المشاغب يعتبرون أنّ ما حصل خلال الأيام الأخيرة هو محاولة من جانب القيادة لسحب بساط المشروعية الحزبية من تحت قدميه لوضعها تحت قدمي النائب الجزيني الجديد، خصوصا وأنهم اشتكوا من منع أكثر من 70 بطاقة حزبية من الاقتراع بحجة أن عمرها يقل عن عام بينما عمر بطاقة المرشح عنهم أسابيع معدودة!

ولهذا لم تكن نتائج جزين مفاجئة، حيث نال أسود 203 أصوات، بينما أبو زيد فلم يتخط الـ124 صوتاً، وحل الكاثوليكي نقولا الحجار ثالثاً بـ66 صوتاً، وسليم الخوري بـ65 صوتاً.

في بعبدا، لم تخن النتائج توقعات الان عون الذي حلّ أولاً بـ450 صوتاً وبفارق شاسع عن رفاقه ليثبت أنّ «مكانته» من «حديد» عند العونيين، مقابل 163 لناجي غاريوس و125 لحكمت ديب. أما الجديد فهو انضمام فؤاد شهاب الى قافلة المؤهلين بنيله 115 صوتاً.

في الشوف، أثبت غسان عطالله (الكاثوليكي) انه رقم لا يمكن تجاوزه فحصد 153 صوتاً من أصل 530 ورقة اقتراعية، وحلّ غياث البستاني (ماروني) 103 صوتاً، أما الانتكاسة فكانت من نصيب الوزير السابق ماريو عون الذي حلّ ثالثاً بـ90 صوتاً.

أما في عكار، فقد تمكن جيمي جبور (ماروني) من تصدر اللائحة بـ356 صوتاً وهو ليس بمستغرب على عارفيه، ليكون الثاني اسعد درغام (الأرثوذكسي) بـ212 صوتاً أما المركز الثالث فكان من نصيب زياد بيطار بـ169 صوتاً، وحل كميل حبيب رابعاً بـ86 صوتاً.

في الكورة، متّن جورج عطا الله موقعه بـ148 صوتاً من اصل 294 مقترعاً مقابل 37 صوتاً لانطونيوس ناصيف و34 صوتاً لعمر طالب.

أما في زحلة، فقد حل سليم عون اولاً بـ390 صوتاً مقابل 191 صوتاً لكابي ليون و137 لتوفيق ابو رجيلي الذي سجل المفاجأة بنظر الزحليين. في بعلبك، تأهل وحيداً ميشال ضاهر (كاثوليكي) بـ172 صوتاً مقابل 88 صوتاً لخليل شمعون (ماروني).

وعشية الانتخابات، وجه العماد ميشال عون كلمة للمحازبين قال فيها: «لطالما اعتبرتموني ضمانتكم، واليوم أقول لكم إن المؤسسة التي تعبنا كثيرا من أجل قيامها، بنظامها الديموقراطي، ستكون الضمانة للجميع، لأن الديموقراطية تحدد مبادئ التعاطي بين المجموعات. وباحترامها يضمن الجميع وفاقهم واستمرارهم.. هي أمانتي بين أيديكم، فحافظوا عليها».