لم تكن الجلسة ال36 لانتخاب رئيس للجمهورية افضل من سابقاتها، إلا بعدد النواب الذي وصل الى 73 ، فيما لم نشهد هذا العدد في الجلسات السابقة، لكن بالتأكيد لا نصاب، ولا حضور للمرشحين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، إضافة الى غياب الثلث النيابي للمساهمة في إتساع مساحة الفراغ، الذي سيدخل بعد شهرين عامه الثالث، أي تكرار دائم للمشهد منذ 25 ايار 2014 .
لذا تبدو النظرة تشاؤمية لان لبنان دخل المصير الاسود المرشح للتفاقم اكثر، خصوصاً ان جلسات الحوار التي تعقد كل فترة لم تصل الى اي تطور رئاسي ايجابي، لان الملف المذكور يراوح مكانه، ولا يبشّر بإمكانية إيجاد حل يعطي بعض الامل للبنانيين، الذين وعلى ما يبدو تناسوا ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، لان بعض السياسيين المعرقلين يعملون على الإطاحة بهذا المنصب المسيحي الهام. في ظل الصراعات والخلافات على الزعامة والمصالح الخاصة التي تتقدم مصلحة الوطن اولاً، بحسب ما يرى نائب ووزير سابق عايش فترات رئاسية عدة لم تصل الى ما نحن فيه اليوم، اذ يأسف لان لبنان لا يطبّق سياسة النأي بالنفس التي تريحه من مشاكل عدة هو في غنى عنها، مبدياً أسفه بسبب ما نعيشه من تشنجات لا تزال تطغى على لبنان، بسبب سياسييّه الذين يتطوّعون دائماً للدفاع عن بعض الدول العربية والاقليمية ومسؤوليها، فينقلون الصراعات الى لبنان البلد المتأرجح سياسياً، بفضل اكثرية مسؤوليه الموالين للخارج اكثر بكثير من ولائهم للبنان، حتى اننا نشعر بأن بعضهم لا ينتمي الى هذا البلد، بحيث يدافع هؤلاء عن مسؤولين سوريين وسعوديين وايرانيين اكثر من دفاعهم عن هذا الوطن الغارق بفضلهم، فضلاً عن تناحرهم وتقاتلهم حتى ولو تطلّب الامر معارك عسكرية في مختلف المناطق اللبنانية، بسبب ما يجري على ارض حلفائهم الاقليميين، ما يعني غياب اي بارقة أمل تبشّر بإمكان وجود اشارات ايجابية تسمح بحصول توافق لبناني عام.
واعرب عن تشاؤم لم يعرفه خلال توليّه المنصبين النيابي والوزاري، اذ بات يرى الجمهورية في خطر كبير، والبيت اللبناني ينهار ولا مَن يسأل. وهنالك خوف كبير من بقاء الوطن ضمن هذه الصورة المرفوضة الى حين حل نزاعات الغير، وانتظار وفاقهم السياسي على حساب لبنان، ما يرّجح إمكانية الوصول يوماً ما الى نسيان الموقع الرئاسي، الذي يبدو ضبابياً اليوم، لان البعض يلعب على حافة الهاوية بهدف تحسين شروطه التفاوضية ، فيما المفترض ان يكون هذا المشهد حافزاً مسيحياً بين كل الاطراف المسيحية، للاسراع بإنتخاب رئيس.
الى ذلك يرى المصدر المذكور وجود فريق يعمل على تنظيم هذا الفراغ، وإيجاد بدائل للتأقلم مع الواقع الجديد الذي بات يشكل خطراً على البلد ووحدته، وعلى مسار الحياة الديمقراطية فيه. لان غياب رئيس الجمهورية عطّل الحياة التشريعية، وإمكانية إقرار قانون للانتخاب واجراء الانتخابات النيابية، واليوم يسير تعطيل مجلس الوزراء على هذا الدرب الوعر، وكل هذا يعني حالة ضياع دستوري وقانوني.
واشار الى ان اغلبية السياسيين ينتظرون الحل من الخارج كما جرت العادة، وينتظرون وضع ملف لبنان على الاجندة السعودية – الايرانية ، وبأن تشمله الخطة الاقليمية التي ستتيح إنجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني، فيما بتنا نحلم بلبننة هذا الاستحقاق ولو لمرة وإن بدا ذلك صعباً، لانه آن الاوان كي ننتهي من الوصايات الخارجية، ونشعر بأن قلة من مبادئ السيادة قد تحققت، من خلال التشاور اللبناني- اللبناني على طاولة الحوار، التي باتت الامل الوحيد كي لا نستورد رئيساً صُنع في الخارج، أي من خلال اتفاق الافرقاء الاقليمييّن والدولييّن على إيصاله الى قصر بعبدا.
وختم بأنه سمع من دبلوماسي بارز، أن تسوية تتحّضر لإيصال رئيس صُنع في الخارج، مما يعني بأننا سننتظر كلمة السرّ الخارجية، وبأن في الافق دوراً اقليمياً كبيراً لوصول رئيس للجمهورية بالاتفاق مع الدول الفاعلة، وهذا مؤسف لان الوصاية باقية بفضلنا لاننا لا نعرف كيفية حكم ذاتنا.