Site icon IMLebanon

الفول والمكيول  

 

بعد الكلام عن الإتصالات التي أُجريت بين القصر الجمهوري وبيت الوسط وعين التينة وحارة حريك التي قيل إنها قد توصلت إلى خرق في جدار الجمود الحكومي وإن مسألة التكليف ثم التأليف لن تستغرق سوى أيام معدودة. وفي ساعة متأخرة  من الليل أُعلن «النبأ السار» بحل العقدة الحكومية بالتوافق بين الأطراف الأربعة أعلاه: تيار المستقبل والتيار الوطني الحرّ وحزب الله وحركة أمل. على الوزير محمد الصفدي رئيساً للحكومة، تبين أن الأمور ليست بهذه البساطة وان الازمة لا تزال معقدة.

 

في لبنان إعتدنا أن نردّد (عن حق) المثل اللبناني السائر على كل شفة ولسان: «ما تقول فول حتى يصير بالمكيول». وكان أحد كبار السياسيين يردّد أمامي: ما تقول طلعت الحكومة قبل قراءة المراسيم في القصر الجمهوري. وروي على مسمعي أنّه كان ورئيس الجمهورية الأسبق المرحوم  الياس الهراوي في السيارة الرئاسية في الطريق الى مناسبة في طرابلس، عندما بادره الهرواي بالقول: مبروك! غداً سنصدر مرسوم تشكيل الحكومة وإسمك في طليعة الأسماء وزيراً للداخلية والبلديات. وقال لي السياسي العتيق: شكرت الهراوي وقلت له سنواصل العمل معاً برعاية فخامتك…

 

كنا نتحدّث  بُعيد التشكيل وغداة زيارة الرجلين الى طرابلس  وننظر الى شاشات التلفزة تنقل مباشرة، من القصر الجمهوري «الصورة التقليدية» للحكومة الجديدة بعدما استمعنا إلى تلاوة مراسيم قبول الإستقالة، فالتكليف، فالتأليف… فلاحظت أمائر الغضب على ملامح وجهه، وهو  يقول لي بصيغة السؤال المتعمد: هل إستمعت يا صديقي إلى إسمي بين أسماء الوزراء؟ ولم أجب. ومضى سائلاً: وهل تراني بين «الشباب» في الصورة؟! ولم أجب… وختم مازجاً الهزال بالجد: عمفتّش عن حالي هونيك (في باحة القصر الرئاسي حيث كانت الكاميرات تنقل الحدث الحكومي) وما عم لاقي حالي.

 

ثم  وضع يده على كتفي قائلاً: «ما تقول فول حتى يصير بالمكيول».

 

واليوم نحن أمام لوحة حكومية «غير شكل»، أو – إذا شئنا – لم يكن احدٌ يتوقعها قبل السابع عشر من شهر تشرين الأول 2019. فمن كان يتوقع إستقالة   الرئيس سعد الحريري في هذا الوقت؟ ومن  كان يتوقع أن يكون البديل النائب والوزير السابق الأستاذ محمد الصفدي هذا اذا صدقت التسريبات؟ ومن كان يظن بإمكانية تشكيل حكومة رئيسها سياسي وأعضاؤها غير سياسيين (ولا نقول غير مسيّسين)؟!

 

إنه زمن المتغيّرات.

 

ولكن حتى هذه الساعة تبدو الصورة ضبابية. ولا يزال سعد الحريري على موقفه: لكي أشكل الحكومة يجب أن يكون أعضاؤها، جميعهم، من التكنوقراط،

 

والأمل أن تكتمل الأفراح في الديار اللبنانية، فيتم كل شيء بخير، وتعلن  الحكومة، ويرضى الشارع بل ويتمثل الشارع فيها.