Site icon IMLebanon

«القوات» تخسر معركة قيادة المعارضة في تسمية رئيس الحكومة المكلّف

و«الوطني الحرّ» يفشل في المساومة على الحكومة مُقابل ترشيح ميقاتي
يتجه رئيس الجمهورية الى تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد لتشكيل الحكومة العتيدة في الايام المقبلة، كما اشار امام زواره في الايام القليلة الماضية.

ووفقاً للمعطيات المتوافرة حتى الآن، فان طبيعة الحكومة الجديدة هي موضع خلاف بين القوى والكتل النيابية، الأمر الذي يولّد انطباعا بأن مهمة التأليف ستكون شاقة وصعبة، وربما اخذت فترة طويلة من الزمن. وحتى الآن لم يتبلور اسم اي مرشح جدي ينافس الرئيس نجيب ميقاتي، الذي يبدو أنه يملك اكثرية ملحوظة للحصول على التفويض النيابي لتشكيل الحكومة الجديدة، لكن هذا الأمر لا يمنع من تسمية بعض الكتل لمرشحين آخرين.

ومنذ أيام، تنشط محاولات ومشاورات لتسمية مرشح واحد ينافس ميقاتي، وتجتهد «القوات اللبنانية» لتوحيد موقف معارض من اجل تحقيق هذا الهدف، تحت عنوان مواجهة الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر وافشال محاولة وضع اليد على الحكومة الجديدة.لكن جهود «القوات» لم تسفر عن أية نتائج تذكر، لا بل انها اصطدمت منذ البداية بعقبات وصعوبات كثيرة، نظرا للانقسام الحاصل بين صفوف ما تعتبره فريق المعارضة، ووصلت الى طريق مسدود.

فـ «القوات» التي ترفع شعار «المعارضة السيادية»، لم تتمكن من احداث اي خرق باتجاه «نواب التغيير» لتشكيل جبهة سياسية معهم في وجه الفريق الآخر، وهذا ما تجلى بشكل واضح وصريح في جلسة انتخاب رئيس المجلس النيابي واعضاء هيئة المكتب واللجان النيابية.

ويقول مصدر سياسي مطلع ان «القوات» فشلت في استمالة «التغييريين» الى صفّها، ولم تنجح ايضاً في كسر الحاجز بينها وبين حزب «الكتائب» الذي تميز في مواقفه خلال الجلسة العامة للمجلس وخارجها ايضا، واذا كانت قد تناغمت نسبيا في المعركة المجلسية مع «اللقاء الديموقراطي» الكتلة النيابية للحزب «التقدمي الاشتراكي»، فانها استدركت سلفا التباين معه في موضوع تسمية رئيس الحكومة المكلف، حيث يؤيد «اللقاء» اعادة تسمية ميقاتي لتأليف الحكومة الجديدة.

ويبدو ان هذا الخلاف قد شكل احد ابرز الأسباب التي دفعت الى لقاء وفد «الاشتراكي» الذي ضم النائبين اكرم شهيب ووائل ابو فاعور مع رئيس حزب «القوات» سمير جعجع في معراب، اول أمس.

ورغم اعلان جعجع بعد اللقاء عن الاتفاق على «مقاربة واحدة لعملية التكليف»، فان المعلومات المتوافرة حتى الآن تشير الى ان «التقدمي الاشتراكي» لم يعدّل موقفه لجهة تأييد تكليف ميقاتي، وانه لا يريد اختيار اسم آخر لا يملك رصيداً جامعاً يؤهله للفوز بالتفويض النيابي الكافي.

والسؤال في مثل هذه الحال ، هل تعدّل «القوات» موقفها وتقبل بتسمية ميقاتي كما «الاشتراكي» «نكاية» بالتيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل؟ وفقا لتصريح جعجع الأخير فان «الاعلان عن الاسم لن يكون الا في اللحظات الاخيرة، باعتبار ان وضع البلد دقيق جدا ويحتاج الى معالجات فعلية»، لكن الاجواء المحيطة بمعراب لا توحي حتى الآن بان رئيس «القوات» راغب في اتخاذ مثل هذا الموقف، وان كان يسعى الى ربطه بشروط معينة تتعلق بشكل الحكومة وتركيبتها.

وبرأي المصدر ان جعجع كان يفضل ضمان موقف موحد للمعارضة بجناحها السيادي و»التغييري» ليقود المساومة على الحكومة الجديدة، لكنه يجد نفسه اليوم في وضع لا يؤهله بلعب مثل هذا الدور. ويضيف المصدر ان الخيارات المتاحة امام «القوات» محدودة، فهي قد تتجه الى عدم تسمية ميقاتي مع التمسك بتشكيل حكومة اختصاصيين، طالما ان فكرة حكومة الاكثرية قد سقطت منذ اللحظة الاولى مثلما حصل في المرات السابقة، وربما تلجأ الى خيار آخر بقبولها المشاركة في حكومة تشبه حكومة ميقاتي الحالية، مع الاخذ بعين الاعتبار تعديل التوازنات السياسية في الحكومة الجديدة، وفقا للنتائج التي افرزتها الانتخابات النيابية. وهذا الخيار يبدو انه الاقرب لموقف حليفها الانتخابي الحزب «التقدمي الاشتراكي».

وعشية موعد الاستشارات النيابية الموعودة، يبدو ان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قد حسم خياره بعدم تسمية ميقاتي، بعد ان اصطدم بموقف «حديدي» منه الذي رفض اي شرط مسبق ثمنا لتكليفه، مطالبا بعدم وضع اي سقوف له خلال عملية التأليف.

وبرأي المصدر السياسي، ان امتناع باسيل عن تسمية ميقاتي لا يعني انه لن يشارك في الحكومة المقبلة، لا بل انه يحرص في كل الاحوال على الفوز بحصّة فاعلة ومؤثرة في هذه الحكومة، التي ربما سيكون دورها ادارة البلاد، اذا حصل فراغ رئاسي بعد نهاية تشرين الاول المقبل. من هنا، يتوجس ميقاتي كثيراً عملية تشكيل الحكومة، لأنه يدرك ان رئيس الجمهورية سيؤازر صهره لتحقيق ما يصبو اليه، وبالتالي سيصعّب مهمته ويعقدها.

وكما فعلوا في مجلس النواب يحرص نواب «التغيير» على اتخاذ موقف موحد مستقل، وهم في صدد السعي الى الاتفاق على اسم موحد لتسميته في الاستشارات النيابية، لكن مسعاهم دونه صعوبات. فهناك فريق «تغييري» يعارض بشدة تسمية السفير نواف سلام، على عكس بعض النواب «التغييريين» المتحمسين لهذا الاسم.

فالنائبان اسامة سعد وعبد الرحمن البزري ومعهم بضعة نواب آخرون، لا يؤيدون تكليف ميقاتي، لكنهم يعارضون في الوقت نفسه تسمية السفير سلام، لا بل ان البزري يبدو انه مرشح اوفر حظاً في الحصول على نسبة لا بأس بها من اصوات «التغييريين» والمستقلين.

وفي ظل هذا الانقسام في المواقف، لا يزال ميقاتي المرشح الاقوى لتشكيل الحكومة من دون منازع، فهو يحظى الى جانب تأييد نواب الثنائي الشيعي و»اللقاء الديموقراطي» وعدد من النواب المسيحيين المستقلين وحزب «الطاشناق»، بنسبة عالية من اصوات النواب السنّة، ما عدا النائبين اشرف ريفي وفؤاد مخزومي وسبعة نواب «تغييريين»، اي انه من المرجح ان ينال ما يقارب الـ 18 صوتا نيابياً سنيّاً حتى الآن.