يُطالب المُحتجّون الطبقة السياسية، والرئيس المزمع تكليفه كائناً من كان، تشكيل حكومة من الاختصاصيين تقضي على الفساد، وتستطيع إنقاذ الاقتصاد اللبناني والحيلولة دون انهيار البلاد، ويتمتّع وزراؤها بالشفافية المطلقة، والسّيرة الحسنة، ونظافة الكفّ، ومن خارج نطاق النّواب والأحزاب.
يُطالبون بحكومةٌ كفوءة وقويّة ووطنيّة تتمثّل فيها السيّدات والجيل الشّاب، وتكون حيادية ومستقلة في اتخاذ قرارها ولا تخضع للإملاءات والاعتبارات السياسية الداخلية او الخارجية. حكومةٌ تعالج شؤونَ الناس وتعيد الاستقرار والأمان، وتحضِّر لانتخابات نيابيّة خارج القيد الطائفي، وتستعيد الأموال العامّة المنهوبة، وتدفع باتجاه إصلاحات دستوريّة جوهريّة. حكومة تحظى بثقة الشّعب قبل ثقة مجلس النواب، وتستمدّ قوّتها وشرعيّتها من الناس.
ويكون السؤال، من هو رئيس الحكومة المقبول شعبيّاً؟
يرسِمُ اللبنانيّون صورة نمطيّة للشخص الذي يريدونُه أن يتولى رئاسة الحكومة المُقبلة، ويتوقّعون ان تتوفّر فيه مروحة من الشروط، أبرزها أن يتمتّع بخلفيّة وطنيّة راسخة، ونزاهة تُبعده عن سُلطة المال ووحول المُحاصصة، وأن يكون لديه خبرة ميدانية بعيداً عن التنظير.
كذلك يتوقّعون ان يتمتّع الشّخص المزمع تكليفه بمنظومة قيَم أبرز عناوينها الصدق، والتواضع، والعلم، والبساطة، والنزاهة.
ويترقّبون أن يضع الرئيس المُكلّف سياسات تنعكس إيجابياً على حياة المواطنين وتشعرهم بالتحسن والأمان، على أن تتضمّن بنوداً للارتقاء بمستوى المنظومة التعليمية التي هي أساس بناء الأوطان عبر بناء الأجيال، وأُخرى تُحفّز النموّ الاقتصادي والاستقرار المعيشيّ عبر الاستثمار في القطاعات الانتاجيّة والابتعاد عن الريعيّة والاقتراض العشوائي، واتخاذ الإجراءات الاصلاحيّة اللازمة، ووضع رؤية شاملة وخطّة ثابتة يسير عليها المتعاقبون على السُّلطة، اضافةً الى التزام سياسة المحافظة على السيادة اللبنانيّة.
وفي سياقٍ مُنفصِل، تعتبِر شريحة واسعة من اللبنانيّين أنّ في الطائفة السُّنّية الكريمة رجالات وشخصيّات قادرة على تحمُّل المسؤوليّة الحكوميّة. كذلك يؤمنون أن اختيار شخصيّة بالمزايا والسّمات المذكورة آنفاً سوف تلقى حتماً دعم الشعب اللبناني بأكمله ومُجمل المجتمع الدولي، وتحمي البلد واقتصاده من الانزلاق الى الهاوية بعد ان وصلنا الى حافتها.
ولنا في الشّعب التونسي الشقيق نموذج، فهو لم يعرف او يسمع بأستاذ القانون الدستوري المتقاعد قيس سعيد قبل أشهر من الانتخابات الرئاسيّة، وهو الذي حملته أصوات الشباب التونسي من الشّريحة العمريّة بين ٢٥ و٢٩ سنة إلى سدّة الرئاسة.
لبنان يستأهل شخصيّة فذّة تكون رائدة لنهضته الحديثة وتحمله الى مصاف الدّول المُتقدّمة، لكن هل يجد اللبنانيّون ضالّتهم قبل سقوط الهيكل المترهّل على الجميع؟