IMLebanon

ميقاتي – “حزب الله” الإفتراق الكبير

 

 

ليس تفصيلًا في السياسة أن»يجرؤ» سياسي في لبنان على الوقوف في وجه «حزب الله»، فكيف إذا كان هذا السياسي «قطباً» أو رئيس حكومة، ليس سابقاً، بل ما زال في الخدمة؟! إنه الرئيس نجيب ميقاتي الذي في أسبوعٍ واحد «خالف» التوجهات أو «الخطاب السياسي» لـ»الحزب».

 

الإفتراق الأول: يعتبر الرئيس ميقاتي أنّ لبنان لا يتعرض لحصار أميركي. ويقول حرفياً: «لا أستطيع أن أستخدم كلمة حصار». في المقابل، كل الأدبيات السياسية لـ»حزب الله» أن لبنان يتعرّض لحصار أميركي.

 

الإفتراق الثاني: الرئيس ميقاتي يشارك في اجتماع في شرم الشيخ تحضره وزيرة اسرائيلية. تقوم قيامة محور الممانعة، ويصل الأمر إلى استخدام صفة «الخيانة» في هذا التصرف، وأنّه ارتكب خطيئة لا خطأ. لا يتراجع الرئيس ميقاتي بل يوضح «أنّ الاجتماع الموسّع تمّ بدعوة من رئيسَي مصر وقبرص وبحضورهما، وبمشاركة دوليّة وعربيّة واسعة، على غرار سائر فاعليّات «مؤتمر المناخ»، ولم يتخلّله على الإطلاق أيّ تواصل مع أيّ مسؤول إسرائيلي».

 

هل الرئيس ميقاتي يجازف في علاقته بـ»حزب الله»؟

 

لا يختلف إثنان على أنّ الرئيس ميقاتي تدرَّج في السياسة، كما تدرَّج في»البزنس»، بمعنى أنّه قارئ جيِّد للتطورات والتحولات، إلى درجة أنّه أصبح محترفاً في وقتٍ تعج الساحة السياسية، ولا سيما السنيَّة منها، بالـ»هواة». يتصرَّف بمرجعية سنيَّة من دون أن يجهر بأنه «مرجعية»، يحاول التمايز لينزع عنه «تهمة» أنه تابعٌ لـ»حزب الله»، وهي «التهمة» التي لازمته منذ قبوله التكليف إثر إخراج الرئيس سعد الحريري بالقوة. بعد عشر سنوات، يمكن اعتبار أنّ ميقاتي «خلع» عنه هذه «التهمة»، وهو يُدرِك في قرارة نفسه أنّ «الحزب» ليس بمقدوره تجاوزه، في غياب الشخصيات السنيَّة التي يمكن له أن يتفاهم معها: فالرئيس فؤاد السنيورة غير وارد بالنسبة إلى «حزب الله»، والرئيس تمام سلام لا يريد أن يختبر «المرارة» مرةً جديدة، والرئيس سعد الحريري غير وارد على الأقل في المدى المنظور.

 

هل وصل «حزب الله» إلى مرحلة بات فيها «فائض القوة» عبئاً عليه؟ بمعنى أنه لا يستطيع استخدامه براحةٍ، كما كان يفعل في السابق؟ لا «7 أيار» ممكن، ولا «القمصان السود» متاحة، فكيف سيرد الحزب على ما يعتبره «استفزازاً» من الرئيس ميقاتي؟ رئيس حكومة تصريف الأعمال يعرف أنّ الواقع اليوم يحتِّم على الجميع «حمايته»، ليس حباً به بل لأنّه «ورقة التين» الأخيرة التي تغطي «عورة» السلطة التنفيذية، أمّا إلى حين انتخابِ رئيس جديد للجمهورية، وتكليف رئيس حكومة ليشكِّل حكومة العهد الأولى، فلكل حادث حديث.

 

والتحدي الكبير أمام «حزب الله»، أنّه فيما يُفتِّش عن رئيس جمهورية يحمي ظهر المقاومة، إذ به يُفاجأ بأنّ عليه أن يفتش عن رئيس حكومة يحمي ظهر المقاومة. فهل سيُتاح له أن يتولى هذا الدور بغير رضا الآخرين؟

 

بعد تمايز الرئيس ميقاتي عن «حزب الله»، وفي غياب قيادات الصف الأول سنيّاً، ستكون عملية تكليف رئيس جديد للحكومة أصعب من انتخاب رئيس جديد للجمهورية.