تعلمنا في كتاب القواعد كيف يكون تصريف الأفعال. الماضي والمضارع والأمر: كيف تكون هذه الأفعال مع الغائب والمخاطب والمتكلم. وكيف تكون مع المفرد والمثنى والجمع. وكيف تكون مبنية ومرفوعة ومنصوبة إلخ…
وعندما كنا في الصفوف الإبتدائية والتكميلية كنا نسمع عبارة «تصريف الأعمال» إثر إستقالة الحكومة، ونربطها في ذهننا بتصريف الأفعال، من دون أن نفقه، في حينه، ما يعني هذا التعبير، مع إن أساتذتنا كانوا يحاولون أن يشرحوه لنا… علماً إن تلك العبارة لم تكن لترسخ كثيراً في ذهننا لأنّ «تصريف الأعمال» لم يكن ليدوم طويلاً… فقد كانت مسألة أيّام معدودة، لأن الحكومات كانت تشكل خلال أيام معدودة بعد الإستقالة.
… وأمّا في زماننا الحالي، أي منذ تعاقب الحكومات الأخيرة (حكومة نجيب ميقاتي، وحكومة تمام سلام، وحكومتا سعد الحريري) فقد بات تصريف الأعمال يدوم ويدوم ويدوم بما يقل قليلاً عن مدة قيام الحكومة الجديدة إن لم يكن يوازي ولايتها فالتشكيل مشكلة، والتأليف مشكلة أكبر، وصياغة البيان الوزاري مشكلتان…
ناهيك بالإعتكاف حيناً والحرد حيناً آخر والمشاكسات حيناً ثالثاً…
وبعد، نحن اليوم مع حكومة تصريف أعمال في واحدة من أكثر الحقب دقة وخطورة في تاريخ هذا الوطن. ومع ذلك تبدو هذه الحكومة مستقيلة أيضاً عن… تصريف الأعمال والأفعال كذلك. فهي لا تفعل شيئاً على الإطلاق، في حالٍ تدعو إلى الدهشة وكذلك إلى علامات الإستفهام كثيرة ومشروعة. فلماذا لا تجتمع هذه الحكومة (يا سيدي ليكن إجتماعاً على مستوى اللقاء وليس مجلس وزراء) ويتداول رئيسها وأعضاؤها في الوضع «ويصرّفون» ما يمكن تصريفه من أعمال؟!.
وهل أنّ تحريك تنفيذ خطة الكهرباء (التي أقرتها هذه الحكومة في وقت سابق) هل هو يتعارض وتصريف الأعمال؟! وقس على ذلك سائر المشاريع المقررة سلفاً.
وهل ضبط الإنهيار المروّع في «السوق الموازية» لليرة اللبنانية ومحاولة تدارك تداعياته الخطرة جداً يتعارض وتصريف الأعمال؟!
وهل تنفيذ القرارات الأمنية يشكل خرقاً لمبدأ تصريف الأعمال؟!
وهل التعامل مع نذر الفتنة والشرّ التي أخذت تظهر بوضوح مع كل ما يرافقها من مخاطر مروّعة يحتاج إلى براءة ذمة من تصريف الأعمال؟!
وهل تصريف الأعمال يمنع لقاءً بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري؟! على أن يكون (إذا عُقد) «غير شكل» عمّا أتحفتنا به شاشات التلفزة في عيد الإستقلال من وجوم وشبه مقاطعة؟!