IMLebanon

الرئيس الحريري وهاجس  إعادة اللُحمة بين الأشقاء… ولو بعد حين

من 14 شباط حتى 2 آذار، الرئيس سعد الحريري مالىء الدنيا وشاغل الناس. عاد إلى بيروت لإحياء ذكرى والدهِ الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لكن الذكرى ليست هي الوحيدة التي أعادته، بل لتحريك مستنقعِ الملفات الذي بدا أنه في سباتٍ عميق، لولا عودته.

عاد الشيخ سعد فأنعشَ ثلاثة ملفات:

ملفُ إنتخابات رئاسة الجمهورية حيث التعويل على جلسة الثاني من آذار مع التحفظ، وهي الجلسة التي سيشارك فيها رئيس أكبر كتلة نيابية وزعيم تيار المستقبل، ليوجّه رسالةً في كل الإتجاهات، فحواها ما يلي:

إن تيار الحريري تيارٌ سيادي بإمتياز، يحرص على مواقع الدولة بدءاً بالرأس أي برئاسة الجمهورية.

إنَّ الديمقراطية ممارسة وليست نظريات، فمَن أراد تداول السلطة عليه أنْ ينزل إلى مجلس النواب لا أنْ يحاضر في عفَّة الديمقراطية.

لهذه الأسباب، ولغيرها، يُعتبر وجود الرئيس الحريري في بيروت، حتى ولو غادر الى المملكة العربية السعودية، فمن الضروري والحيوي والأساسي، أنه سيعود بسرعة كما ردد، ليس فقط من أجل رئاسة الجمهورية، بل من أجل ملفات أخرى لعل في مقدَّمها ملفُ تفعيل عمل الحكومة، فلولا وجوده في بيروت لكانت طاولة مجلس الوزراء تصدَّعت، ولكان البلد أمام سابقة الفراغ المزدوج:

الفراغ في رئاسة الجمهورية والفراغ في الحكومة، ولكانت مرحلة الفراغَيْن، بعبدا والسراي، قد خيَّمت على البلاد.

حضورُ الرئيس الحريري في بيت الوسط جعله خليَّة نحلٍ، كما أنّه جعل البلد ورشةً سياسية بإمتياز، وهذا الواقع ليس غريباً.

فالرئيس سعد الحريري بإمكانه أنَّ يمون على نصف البلد، إذا صحَّ التعبير، فزعامته عابرة للمناطق والطوائف، لا تحدُّها جغرافيا ولا يحدها مذهب، هذا واقع لا يمكن لأحد أنْ ينكره أو أنْ يتنكَّر له، فمَن يراقب الحركة السياسية في البلد منذ 2 شباط حتى اليوم، يجد الفارق كبيراً بين ما كان وبين ما هو عليه الوضع اليوم، وهو سيستمر باضطراد لأنَّ الملف الكبير الذي يعكف الرئيس الحريري على معالجته هو إزاحة هذه الغيمة الداكنة السواد التي تمر فوق العلاقات اللبنانية – الخليجية.

ما من أحدٍ في لبنان يتقدَّم على الرئيس سعد الحريري في معالجة هذا الملف، إنه قَدَر هذا البيت الذي لولاه لكَان لبنان مازال في مستنقعِ الفوضى بسبب الحروب العبثية المتتالية والمتوالية، والتي لم يوضَع حدٌّ لها، إلا في الطائف حيث كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري عرَّاب ما تمَّ التوصل إليه، ويذكر المخضرمون الدور الذي اضطلع به والمسؤولية التي حملها من أجل التوصل إلى الإتفاق.

يكاد التاريخ أنْ يعيد نفسه ولكن من لبنان:

الرئيس سعد الحريري يعمل على عدة جبهات:

جبهة تهدئة الأوضاع الداخلية بعدما بلغ خطاب الفتنة مداه وبات يُشكِّل خطراً على الإستقرار الداخلي والسلم الأهلي.

جبهة تحصين الحكومة بعدما شهدت شيئاً من التصدعات الناجمة عن إستقالة وزير العدل أشرف ريفي، وأيضاً من يطالب بإستقالة الحكومة لتصبح فقط لتصريف الأعمال، ويبدو أن الأمور تمت تسويتها بحيث تُكمِل الحكومة عملها إلى حين ملء الفراغ في سدة الرئاسة.

الرئيس الحريري يتعاطى مع أسوأ مرحلةٍ يمرّ بها لبنان بحكمة وهدوء، مؤمناً أنَّ مهما عظمت الأمور وتباعدت مع الأشقاء الخليجيين، إذا تفهم الفريق الآخر أنّه من الأجدى والأجدر لمصلحة كل اللبنانيين المقيمين والمغتربين العاملين في دول الخليج، أنْ تُراعى مصالحهم، أما إذا استمر التهجم فهذا لا يجني لنا جميعاً سوى إنهيار البلد لا سمح الله.