IMLebanon

الرئيس الحريري في مواجهة  حقول الألغام

حين تشكَّلت هذه الحكومة، حكومة الرئيس سعد الحريري، أُطلقت عليها تسمية حكومة استعادة الثقة، لكن الرئيس الحريري سبقته إلى السراي أعداد لا تُحصى من الملفات، إلى درجة أنَّه يواجه مهمةً شبه مستحيلة إنطلاقاً من أنَّ حكومته هي في آن:

حكومة إجراء الإنتخابات.

حكومة إصدار موازنة 2017.

حكومة إيجاد معالجة للنفايات.

حكومة رفع ساعات التغذية بالتيار الكهربائي.

حكومة إدارة ملف مليونَي نازح سوري.

حكومة مكافحة الفساد في إدارات الدولة وإعادة ثقة المواطن بها.

حكومة إعادة ثقة الأشقاء العرب بوطنهم الثاني لبنان.

ما سبق ليس سبعة ملفات، بل سبعة ألغام في طريق الزعيم الشاب الذي عليه أن يعالجها بحزمٍ وحسمٍ ودراية في آن، فأيُّ خطوةٍ ناقصة أو دعسة ناقصة ستُطيح كلَّ الآمال المعقودة عليه، لأنَّه الضمانة ومحطَّ الثقة. وأكثر من ذلك فإنَّ عمر هذه الحكومة هو من عمر إجراء الإنتخابات، فبعد إجرائها تستقيل، ليعود الرئيس الحريري بحكومة ما بعد الإنتخابات والتي يسميها العماد عون حكومة العهد الأولى، لأنَّه يعتبر الحكومة الحالية نتاج مجلس نيابي ممدد له.

أما إجراء الإنتخابات النيابية فهو يستلزم قانوناً جديداً، في ظلِّ اللاءات التالية:

لا عودة إلى قانون الدوحة المنبثق من قانون الستين.

لا تمديد ثالثاً لمجلس النواب الحالي.

لا فراغ في السلطة التشريعية.

ثلاثية اللاءات هذه تستوجب قانوناً جديداً يتحاشى استنسابية الستين وإلغائية النسبية المطلقة، ولا يبقى في الميدان سوى المختلط، وهذا ما يعمل عليه الرئيس الحريري، وهذه هي تعليماته إلى ممثِّله في اللجنة الرباعية.

ينطلق الرئيس الحريري من هذه المقاربة انطلاقاً من ارتياحه إلى كل ما يمكن أن يُطرَح، وليست لديه أية عقدة في أيِّ قانون، كلُّ ما يهمه أن يدخل إسمه في سجل مَن أصرّ على أن يكون قانون الإنتخابات النيابية عادلاً وفق معايير واحدة لكل لبنان، خصوصاً أنَّه يمتلك نقاط قوةٍ في أكثر من موقع:

من بيروت، إلى البقاع، إلى الشمال، من طرابلس، إلى عكار، إلى الجنوب وتحديداً في صيدا، من دون تجاهل نقاط تأثيره في المناطق الأخرى.

في قانون الموازنة، لن يُوقِّع الرئيس الحريري على موازنة تؤمَّن إيراداتها من جيوب الطبقتين الفقيرة والوسطى، لأنَّه يُدرِك أنَّ هذا المنحى اقتصادي، لكنّه غير إنساني، إذ ما نفع المواطن أن يأخذ باليد اليسرى ليعطي ما أخذه باليد اليمنى؟

الرئيس الحريري، قبل أن يكون رئيساً للحكومة هو نائبٌ عن بيروت، ودستورياً، هو نائبٌ عن الأمة اللبنانية، يعرف هموم الناس وحاجاتهم، وكم من المرات جال في العاصمة وسائر المناطق وتفقَّد أحوال الناس وعاين حاجاتهم، ولمس أنَّ المواطن، في الظروف الراهنة لم يعد يحتمل المزيد من الضرائب، وأنَّ الإيرادات يجب أن تكون من مصادر أخرى غير موجِعة لأصحاب الدخل المحدود والمحدود جداً.

أما سائر الملفات، من نفايات ومكافحة الفساد، فهي شغله الشاغل إنطلاقاً من إصراره على أن لا عودة للنفايات إلى الشارع وأنَّ ملف الفساد فُتِح ولن يُغلَق.

سعد الحريري ليس مجرد رئيس حكومة عادي، إنَّه رافعة العهد، يلاقي رئيس الجمهورية في منتصف الطريق للتخلّص تدريجاً من التركة الثقيلة ومن جبل الملفات.