Site icon IMLebanon

الرئيس الحريري كلمة السرّ:  الإعتدال

وجود الرئيس سعد الحريري في الخارج منحه هدوءاً سياسياً وصفاء ذهن بعيداً من الزواريب الداخلية الضيقة وأتاح له، ولا يزال، الوقوف على شُرفة التطورات العربية والإقليمية والدولية بحيث ينظر الى التطورات اللبنانية من منظار إقليمي ودولي، لا كما يفعل البعض في الداخل ممن ينظرون الى الأوضاع الاقليمية والدولية والمترامية الأطراف من منظار داخلي ضيّق.

***

الإعتدال ليست كلمة السرّ لدى الزعيم الشاب فحسب، بل هي أيضاً كلمة العلَنْ، يجاهر بها أمام القاصي والداني، فهو يعرف قبل غيره ان التطرف يجعله، في أحسن حالاته، زعيم شارع في طرابلس أو بيروت أو صيدا فيما الإعتدال يجعله زعيماً على كل رقعة الوطن عابراً للطوائف والمذاهب، فهو منذ تسلمه الأمانة بعد استشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، وهو ينادي بالإعتدال ويمارسه في يومياته وسلوكه سواء أكان في السراي الحكومي أو في بيت الوسط، فالاعتدال لا جغرافيا له ولا مقر، بل هو موجود في الأداء وفي السلوك وفي الممارسة.

***

بهذا المعنى كان التلاقي بينه وبين رئيس الحكومة تمام سلام، الذي أثبت مرة جديدة، في جلسة الاسبوع الماضي لمجلس الوزراء انه ليس رئيس حكومة فحسب بل هو رجل دولة بكل المقاييس والإعتبارات. فهو أولاً لاقى الرئيس سعد الحريري في منتصف الطريق لجهة ممارسة الإعتدال وليس المجاهرة به فحسب، وهو بإدارته السلسة لجلسة مجلس الوزراء نجح في سحب صاعق التفجير الذي كان موضوعاً في مستهل الجلسة.

***

كل هذا جيّد، ولكن ماذا بعد؟

لقد رسم الرئيس سعد الحريري خارطة الطريق الى المرحلة المقبلة، وهي خارطة تحدد بكل وضوح ان على لبنان أن يكون ثابتاً في استقراره الى حين تبلور الحلول في المنطقة، وهذا التبلور لا يتحقق بين ليلة وضحاها، بل ومن دون مكابرة، على اللبنانيين أن ينتظروا تطورات خارجية تأتي مطابقة للأوضاع الداخلية.

***

لهذه الأسباب مجتمعة فان لبنان سينعم بفسحةٍ ستمتد لأسبوعين ربما تكون خلالها النفوس قد هدأت. وبعد هذه الهدنة القسرية أو الطوعية، لا فرق، فإن العمل سينشط من أجل أن يُنقَل لبنان من بلدٍ منسي إلى بلد يمكن أن يوضَع على جدول أعمال إهتمامات الدول الفاعلة، فما نفع أن نختلف في الداخل على وضع بنود جدول الأعمال لمجلس الوزراء فيما الخارج لا يضعنا على جدول أعمال إهتماماته؟ فما نفع أن نتلهى بأنفسنا في الداخل فيما الخارج متلهٍّ عنا بشؤونه؟

إن أكبر تحد هو أن نعرف كيف نعيد بلدنا الى قائمة إهتمامات الدول، لأنه من دون ذلك سنبقى على الهامش، فهل هذا هو المطلوب؟