كم هي قاسية ومؤلمة مأساة لبنان وشعبه الصابر والحالم , هذا الوطن المتواضع في مساحته والمتنامي بانتشار ابنائه الذي اراده الرئيس الشهيد رفيق الحريري كبيرا بحجم امته العربية طموحا ودورا ورسالة, وارادته قوى الممانعة ووهم المقاومة, ورقة للمساومة بين اللاعبين الاقليمين, او مزرعة خلفية لهذا النفوذ الاقليمي او ذاك الوافد الينا من خارج حدود الوطن العربي, وقمة مأساة هذا الوطن استشهاد من عمل وحلم ليكون وطنه بحجم امته.
بعد عام 2005 م صفحة جديد من الالام عاشها لبنان شعبا ومؤسسات نتيجة التداخل بين مصالح الدولة والدويلة وادى هذا التعارض لتعطيل مؤسسات الدولة من مجلس النواب الى مجلس الوزراء الى اداء وانتاجية الوزارات والمؤسسات, وحدها مؤسسة الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي وبقية المؤسسات الامنية استمرت بدورها بصبر وعناد, الى ان عطلت الدويلة وحلفائها في الداخل والخارج انتخاب رئيس الجمهورية لما يزيد عن عام ونصف من المماحكات السياسية والاجتماعات المتوالية في المجلس النيابي بين حاضر ومتغيب من نواب الوطن , اكلت واخترقت خلالها الدويلة بنفوذها وسلاحها العديد من مؤسسات الدولة, ليعلن بعدها بعضهم قولا وفعلا رغبته بمؤتمر تأسيسي يُلحق فيه لبنان بمحور الممانعة ليبقى ورقة او مزرعة او كليهما معا لا فرق, وليدعو البعض الاخر الى فدرالية او كونفدرالية طوائفية مناطقية وحتى مذهبية ليحقق حلمه بهوس السلطة.
وحده الرئيس سعد الحريري ابن الرئيس الشهيد حمل جمرة مأساة هذا الوطن الجريح , وهو في منفاه الاختياري ليوقف الانتظار, ويمنع مراهنة البعض على انهيار الدولة ومؤسساتها لمصلحة الدويلة العابرة للحدود بميليشياتها ومشروعها المذهبي, فقدم بشجاعة واقتدار لقوى 8 اذار طعاما مريا وحلاً إنقاذيا من داخلهم! سليمان فرنجية الحليف لمحور الممانعة لما لا يكون رئيسا للجمهورية ؟ وفرنجية هذا؟ حليف قديم لهذه الممانعة الواهمة, الا انه متمسك بلبنان الواحد وعروبته وسيادته, وملتزم بوثيقة الوفاق الوطني اي وثيقة الطائف لكنه حتما لم يكن مشروعا ايرانيا فارسيا كالمرشح الدائم والحالم العماد ميشال عون.
مبادرة شجاعة وجرئيه اقدم عليها الحريري ومن المؤكد انها لن تلقى استحساننا لدى الرأي العام وخاصة الاسلامي منه, لكنها قدر القيادة الحكيمة والعاقلة ان تقود الوطن لا ان تُقاد بالعواطف والغرائز والمشاعر والمصالح الصغيرة , فاذا كان الهدف والغاية ان يكون لبنان اولا فان مصلحة الوطن ونهوض الدولة بمؤسساتها تتقدم على كل الحسابات مهما كانت قاسية ومريرة. فالمبادرات الكبيرة والصادمة لتكون بخدمة الوطن لا يصنعها الا الكبار, هكذا كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري! وهكذا هو الرئيس سعد رفيق الحريري! لبنان سيدا حرا عربيا مستقلا لا يمكن ان يكون ورقة او مزرعة او جائزة ترضية لهذا او لذاك فهو اولا وسيبقى اولا, انها مدرسة سعد رفيق الحريري وحلفائه في قوى 14 اذار
والنائب الحالي والوزير السابق سليمان فرنجية سيأتي الى هذه المدرسة ليكون شريكا مسيحيا اساسيا في بناء الدولة القوية القادرة العادلة, لا ان يكون داعما او محتضنا لدويلة عطلت البلاد والعباد, والا بقي كما هو قبل الرئاسة حليفا لا شريكا في مشروع واهم وافد من بلاد فارس لا يمكن ان تكتب له الحياة في ربوع هذا الوطن العربي الممتد من المحيط الاطلسي الى الخليج العربي, انها المعادلة الصعبة التي لا بد من التكيف معها للحفاظ على لبنان الصيغة وميثاق الطائف والعيش الواحد, ليبقى كما يريده ابناءه سيدا حرا عربيا مستقلا في ظل الحروب العبثية الدائرة حولة ولعبة الامم المكشوفة على ابناء هذا الشرق العربي الطامح للحرية والمستهدف من قوى التطرف والتطرف المضاد واصحاب المصالح الاقليمية والدولية كلاً منهم يسوق مشروعا لطموحاته واحلامه ومصالحه, والضحية والضحايا هم ابناء هذه الامة الذين تتداعى عليهم الامم كما تتداعى الاكلة على قصعتها, فهل تنكفئ المبادرة الحريرية كما يريد بعضهم ؟ ام انها تكسر حاجز الجمود وتنجح لخلاص الوطن من محنته ؟ ام ان اللاعبين الكبار سيمنعون حلفائهم الصغار داخل هذا الوطن من تحقيق احلام وامال اللبنانيين بفتح صفحة مشرقه من تاريخ هذا الوطن بانتخاب رئيس وتأليف حكومة وانتخاب مجلس نيابي لحماية البلاد والعباد من تداعيات الحروب الدائرة حول هذا الوطن وشعبه العربي الصابر والصامد بلا حدود.