IMLebanon

رئيس حل أم إدارة أزمة؟

الأجواء الرئاسية ليست وردية ولا برتقالية كما يراها مؤسس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون ورئيس التيار جبران باسيل، ذلك أن تبسيط الأزمة إلى هذا الحد بعد عامين ونصف العام من الفراغ في سدة الرئاسة الأولى لا يمكن أن يُنتج حلاً على الطريقة الباسيلية، إذ وفي خضمّ تغييرات جغرافية تطال دول المنطقة وتُعيد رسم خرائطها يتلهّى اللاعبون السياسيون في لبنان بتبديل أسماء المرشحين للرئاسة، من بين الأسماء الأربعة التي رست عليها لائحة بكركي في وقت بات معروفاً من جميع العاملين على هذا المسار أنه لا يمكن للبنان أن يحظى برئيس إلا على مستوى الظرف الإقليمي وأيضاً الدولي، الأمر الذي دفع بزعيم تيّار المستقبل سعد الحريري أن يجول على عدد من عواصم دول القرار الإقليمية والدولية سائلاً ومستوضحاً ومتفهّماً قبل أن يقول كلمته النهائية في موضوع الاستحقاق الرئاسي بخلاف ما أشاعه التيار الوطني الحر في أوساط الرأي العام اللبناني أنه اتخذ خياره بدعم ترشيح مؤسس التيار العماد ميشال عون وسيُعلن ذلك قبل موعد الجلسة السادسة والأربعين لانتخاب الرئيس في 31 تشرين الأول الجاري، ذلك لأن رئيس التيار الأزرق لا يستطيع أن يُقدم على خطوة كبيرة من هذا النوع في ظل التجاذبات الدولية المحتدمة على رسم خرائط منطقة الشرق الأوسط بدءاً من سوريا، فضلاً عن الحسابات الداخلية وامتداداتها الإقليمية وانعكاس هذه الإمتدادات على مستقبله السياسي.

وإذا كان مؤسس التيار العماد عون اعتبر أن وصوله إلى قصر بعبدا أصبح قاب قوسين أو أدنى وتصرّف في مناسبة إحياء تياره ذكرى 13 تشرين الأول على هذا الأساس، إلا أن خطابه في هذه المناسبة لم يرقَ إلى حدّ إقناع رئيس التيار الأزرق بالذهاب إلى تسميته مرشحاً لرئاسة الجمهورية، ففي خطابه الذي كان يُفترض به أن يقدّم من خلاله برنامجه لرئاسة الجمهورية، تجنّب التطرّق إلى نقاط أساسية في الأزمة اللبنانية المستفحلة منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأبرز هذه النقاط موقفه من اتفاق الطائف، وهل يدعم هذا الاتفاق، ومن ثمّ موقفه من السلاح غير الشرعي ومن تدخّل حزب الله في الحرب الدائرة في سوريا وهل هو مع هذا التدخّل أو ضده، وأخيراً موقفه من إعلان بعبدا ومسألة حياد لبنان عن النزاعات العربية.

الجنرال الذي اكتفى فقط بتأكيده على احترام الدستور والميثاق والقوانين والمشاركة المضمونة والمتوازنة لكافة الطوائف من دون كيدية أو عزل أو قهر وبمحاربة الفساد وإعطاء الأولوية للأكفاء، والاستماع إلى صرخة النّاس في همومهم اليومية، كان ينتظر منه اللبنانيون مواقف واضحة وصريحة من المواضيع الخلافية التي ينقسم حولها لبنان بشكل عامودي والتي حالت حتى الآن دون الاتفاق على رئيس للبلاد يسدّ الفراغ ويمنع تساقط المؤسسات الدستورية الواحدة تلو الأخرى كما هو الحال، لا أن يسمعوا مثل هذا الكلام الذي لا يدلّ على أنه يأتي لحل الأزمة لا أن يُديرها، في وقت يعرف الجميع أن المطلوب رئيس لحل الأزمة لا رئيس لإدارتها.

ولا يعتقدنّ أحد أن رئيس التيار الأزرق بعيد عن هذه الصورة، وبالتالي فإن الرهان على خيار عون لا يبدو موضوعياً ولا حتى منطقياً إلا إذا كانت كلمة السر قد أُعطيت كما غرّد زعيم الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط.