Site icon IMLebanon

أمير الكلام

 

كلام بارز ومهم صدر عن الامير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز في مقابلة تلفزيونية مطوّلة، تناول فيها هذا الديبلوماسي المحنّك الحال التي بلغتها الأوضاع في سوريا، فأضاء عليها بواقعية الرجل الخبير الذي عارك السياسات الدولية طوال عقود خصوصاً عندما كان سفيراً للمملكة العربية السعودية في الولايات المتحدة الاميركية، إضافة الى توليه المسؤولية الامنية الرفيعة في المملكة.

 

الحديث عُمّم عنه ملخص وافٍ تنشره «الشرق» في الصفحة 17 من هذا العدد.

 

أكثر ما لفتني تركيز الامير بندر ما توقف عنده مطوّلاً في تأكيده على أنّ التخاذل الاميركي، في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، هو الذي جعل روسيا وإيران تتجرأان على التدخل العسكري في سوريا، متهماً أوباما ليس فقط بالتردّد والتخاذل وإنما أيضاً بالكذب، وكم كان بليغاً كلام الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز بقوله الذي استشهد به الامير بندر، وهو الآتي: لم أتوقع أن أعيش الى هذا العمر لأرى رئيساً للولايات المتحدة الاميركية يكذب عليّ.

 

وقراء «الشرق» لا يفاجئهم هذا الكلام الذي ذهبنا الى مثله مراراً وتكراراً في هذه الزاوية وتوقفنا عند «الإخراج» الذي «بَلَف» به الروسي نظيره الاميركي عندما تعهّد بنقل السلاح الكيميائي (الذي يستخدمه بشار الأسد ضد الشعب السوري) من سوريا الى خارجها ليوضع في عهدة موسكو، وقد حدث هذا في وقت كان أوباما قد هدّد بتوجيه الضربة القاضية الى رئيس النظام الذي أخذ التهديد بجدية فرحّل زوجته وأفراد عائلته الى دبي… في وقت كانت الأساطيل الاميركية في المنطقة قد وصلت الى عرض البحر، قبالة الشاطئ السوري في حال تأهب قصوى.

 

يجزم الأمير بندر بأنّ أوباما يعد بالشيء ويفعل العكس، وهذا ما أدّى، في تقديرنا، الى أنّ مدى النفوذ الاميركي في العالم بدأ ينحسر ويتقلص، وفي المقابل أخذ النفوذ الروسي يرتفع ويتمدد مستعيداً دور الاتحاد السوڤياتي السابق، بل وأكثر من ذلك، أي ما لم يتمكن منه السوڤيات بالحلول في «المياه الدافئة» (شرق البحر الابيض المتوسط) حيث أقام «القيصر» بوتين قاعدتين عسكريتين إحداهما بحرية في طرطوس والثانية جوية في حميميم، إضافة الى آلاف الجنود الروس وقواعد الصواريخ الثابتة والمتحركة في أنحاء عديدة من الأراضي السورية…

ولقد يكون أبلغ الكلام ما قاله الامير بندر عن مسؤولية التخاذل الاميركي وأقتبس منه الآتي: «باراك أوباما أعاد المنطقة 20 عاماً الى الوراء»، وهذا اتهام خطير جداً ولكنه واقعي في كل حال… وما يجري على الارض في سوريا وفي دول أخرى من المنطقة يشير بوضوح الى الأضرار الجسيمة التي حلّت بالبلدان وشعوبها، ما يعرفه الجميع.

 

طبعاً هناك قضايا عديدة، سوى ذلك، تناولها الامير في كلامه، بما فيها ما يتناول رئيس النظام السوري الذي قال عنه: «اني أعرفه قبل أن يصبح شيئاً وأعرفه بعدما ظن أنه أصبح شيئاً»…

 

وتبقى الإشارة الى أنّ ما صدر عن الامير بندر يؤكد على إحاطة شاملة وثقافة واسعة واطلاع عميق.

 

عوني الكعكي