ليس في خطاب المشاركين في حرب سوريا مباشرة أو بالواسطة ما يتقدم على محاربة الارهاب التكفيري. ولا شيء يؤكد عملياً ان الأولوية القصوى الملحة هي للقضاء على داعش وانهاء دولة الخلافة التي اعلنها أبو بكر البغدادي واستقطبت مبايعين ومستعدين لعمليات انتحارية في دول المنطقة والعالم. لا لدى التحالف الدولي الذي تقوده أميركا وتتولى منذ أكثر من سنة القسم الأكبر من عمليات القصف الجوي باسمه. ولا لدى التحالف الرباعي الذي تقوده روسيا وتضمن لعملياته البرية أقوى غطاء بالقصف الجوي والبحري. ولا في مجريات المعارك التي أقلها بين النظام وداعش وأكثرها بين النظام وكل أنواع المعارضين المسلحين، كما بين داعش والمعارضين. فالقاسم المشترك بين خطط الجميع هو احتواء داعش. والفوارق بين الخطط هي حول نوع الاحتواء والمدة الزمنية التي يستغرقها الانتقال من إضعاف داعش الى القضاء النهائي عليه حسب تعبير الرئيس باراك أوباما. فضلاً عن التوقيت الذي تنتهي فيه وظيفة داعش في خدمة كل طرف.
ذلك أن الأولويات حالياً هي لتحقيق أهداف أخرى. الأولوية الملحة لدى روسيا وايران هي لمنع سقوط النظام. والأولوية لدى أميركا هي ل تنظيم السير في الأجواء السورية منعاً لأي اصطدام بين الطائرات الأميركية والروسية، وللحديث عن حلّ سياسي والحفاظ، حتى ايجاد البديل، على معادلة: لا انهاء للنظام لئلا يربح داعش، ولا انهاء لداعش لئلا يربح الرئيس بشار الاسد. والأولوية لدى تركيا والسعودية وقطر هي لاسقاط النظام، ومع تعذر ذلك، لتقوية المعارضين ومواجهة تقوية النظام.
واذا كان الجنرال ديفيد بيتريوس يصف حرب سوريا بأنها تشرنوبيل جيوسياسي، فان كل طرف يحاول حماية بلده من مخاطر الاشعاعات الجيوسياسية، ويضيف الى أهدافه هدفاً مشتركاً مع أكثر من طرف. الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس وزرائه ديمتري ميدفيديف ووزير خارجيته سيرغي لافروف يقولون انهم يحاربون في سوريا دفاعاً عن موسكو، اي للقضاء على الارهابيين وخصوصاً الشيشانيين بدل قتالهم في روسيا بعد عودتهم اليها. الحرس الثوري الايراني يقول انه يقاتل في سوريا دفاعاً عن طهران لابقاء محور الممانعة والمقاومة قوياً. حزب الله يقول انه يقاتل الارهابيين التكفيريين في سوريا دفاعاً عن بيروت. وأقل ما يقال في اميركا وأوروبا ودول الخليج هو أن تلك الدول تحمي عواصمها ومصالحها من خلال الادوار التي تلعبها في حرب سوريا.
ولا أحد يعرف كيف وبماذا ومتى تنتهي حرب سوريا، وان سارع كثيرون الى الرهانات على ما يريدون أو يتمنون من نهايات. وليس أصعب من العودة الى ما كان قبل الحرب سوى تغيير كل شيء.