مَن استمع إلى مقدِّمة نشرة أخبار الأو تي في مساء أول من أمس الأحد، إعتقد نفسه بأنه يستمع إلى مقدمة نشرة أخبار تلفزيون المستقبل، فلا الأسلوب ولا المضمون اعتادت عليه الشاشة البرتقالية في مخاطبة الرئيس سعد الحريري وليس سعد الدين، وقد ورد فيها:
عاد زعيم المستقبل إلى بيته ووطنه. فاته اعتدال الخريف وسط الأسبوع المنصرم. لكن الآمال، آمال الرجل ومن معه، ومن هم شركاؤه في الوطن، تظل كبيرة، في أن تكون عودته بداية لعودة الإعتدال الوطني، والإعتدال الإيماني، والإعتدال السياسي والمؤسساتي والدستوري والميثاقي.
فهل تكون عودته إلى العاصمة اللبنانية، هي الخطوة ما قبل الأخيرة؟
تليها خطوة – مفاجأة ما، في مكان مفاجئ ما، لتكرِّس اتفاقاً ميثاقياً تاريخياً يعصم كل لبنان؟
أصلاً، ليس للحريري موئل غير بيروت. تماماً كما ليس لأي لبناني موطن غير لبنان. كل الباقي نار وجحيم
***
أقل ما يُقال في هذه المقدِّمة أنها بابٌ من أبواب الغزل السياسي من طرف قلَّما مارس هذا النوع مع زعيم المستقبل، لكن يبدو أنَّ للضرورة الرئاسية أحكامها، فأَخرج التيار الوطني الحر موقفه المستجد من الرئيس الحريري من السرِّ إلى العلن فإلى الشاشة.
لكن الرئيس الحريري، كما لا يؤخَذ بالترهيب، كذلك لا يؤخَذ بالترغيب، وما لم يتأثر بالتجريح كذلك لن يتأثر بالإطراء.
الرئيس الحريري يعمل في السياسة من موقع المبادرة وليس من موقع الإنفعال أو ردة الفعل، ولو كان الإنفعال هو الذي يحكُم عمله السياسي لَما كان صافح العماد عون، منذ أن رضي الأخير بإسقاط حكومته من على منبر الرابية حين كان زعيم المستقبل يجتمع مع الرئيس الأميركي باراك أوباما.
لكن الرئيس الحريري ليس من هذه الطينة، فهو يعتبر نفسه أُم الصبي، ولو لم يكن كذلك لما كان الأكثر جرأة في التفتيش عن مخارج لانتخابات رئاسة الجمهورية.
فمَن غيره يجرؤ على تبني مرشح من غير 14 آذار لا بل من صقور 8 آذار؟
هل غير الرئيس الحريري من قوى 14 آذار يجرؤ على ترشيح الوزير فرنجيه؟
لكن المسألة لم تصل بعد إلى المئة متر الأخيرة في السباق الرئاسي حيث ما زالت هناك تعرُّجات وعقبات وشروط وأطراف، فالرئيس الحريري والعماد عون ليسا اللاعبَيْن الوحيدين في حلبة الرئاسة:
ماذا عن ترشيح الوزير سليمان فرنجيه؟
ماذا عن دولة الرئيس نبيه بري؟
حتى مقدِّمة نشرة الأخبار في تلفزيون الأو تي في سلَّمت بهذه الصعوبة، فتحدَّثت عما سمَّته الخطوة ما قبل الأخيرة. وهذا يعني أنَّ غداً لا شيء في الجلسة، أما عن الجلسة المقبلة التي يحددها الرئيس بري، فيُعرَف أين أصبحت الإتصالات من خلال موعد الجلسة 46 للإنتخاب، فهل تكون قريبة أو بعيدة؟
جزء من الطبخة قائم على مدى بُعد الجلسة أو قربها وخاصة سحب ورقة الضغط من الشارع، هذه أولى أولويات الرئيس سعد الحريري.