يحتل القانون الذي ستجرى على اساسه الانتخابات المقررة في ايار المقبل واجهة الحياة السياسية، من دون ان يؤدي ذلك الى ادراج البحث عن جديده على جدول اعمال اول جلسة تشريعية في العقد الاستثنائي. لكن تآكل المهل الدستورية يرجح اجراء الاستحقاق، المحدّد للتوازنات المقبلة، وفق القانون النافذ «قانون الدوحة»، وإن اجمعت اصوات مختلف القوى على رفضه، باعتباره يرتكز على «قانون الستين» نسبة الى عام 1960 من حيث اعتماده النظام الاكثري والقضاء دائرة انتخابية.
فقد احتلت المطالبة بقانون جديد صدارة مداخلات النواب في جلسة الامس، وذلك «للتعمية على عدم جدّية مطالبتها» لمعرفتها بان ما تعذر الوصول اليه خلال نحو ثمانية اعوام يستحيل انجازه بنحو شهر من الزمن وفق سياسي مخضرم. وكذلك يندرج في هذا الاطار تصعيد التيار «الوطني الحر» وصولا الى تلويحه بثورة شعبية عبر قول رئيسه وزير الخارجية جبران باسيل اثر اجتماع التكتل «اذا رفضت القوى اقرار القانون الجديد يحق للمواطنين ان يثوروا على السلطة السياسية» التي تتجسد في الرئاسة الاولى وفي الحكومة ثانيا وهم من غالبيتها، وكذلك في البرلمان.
وكانت كبرى القوى المسيحية تشترط ان يكون قانون الانتخاب بندا أوّل لتشارك في التشريع. كما ان مرسوم العقد الاستثنائي للبرلمان الذي وقعه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نصّ على ان اول البنود بحث قوانين الانتخاب وهو ما لم يتحقق. ويلفت المصدر الى ان من صلاحيات الرئيس الدستورية (المادة 53 الفقرة 10) توجيه رسالة الى مجلس النواب لمطالبته بذلك. ويذكّر بان رئيس الجمهورية الاسبق اميل لحود استخدم هذه الصلاحية عام 2005 ليطالب عبثا مجلس النواب بعدم اعتماد قانون العام 2000، بل العودة الى مفاهيم «قانون الستين».
كذلك عام 2008 ارتكز «قانون الدوحة»، الذي اعتبره التيار «الوطني الحر» انجازا اعاد الحقوق الى المسيحيين، على مفاهيم «قانون الستين» من حيث اعتماد القضاء دائرة انتخابية والنظام الاكثري، فيما خضعت له «قوى 14 آذار» من جراء توازنات سيطرة «حزب الله» العسكرية على بيروت في 7 ايار من العام نفسه.
ورغم هاتين السابقتين جرت لاحقا «شيطنة» مفاهيم قانون الستين. وانحصر الصراع بين «قانون ارثوذكسي» تصوت بموجبه كل طائفة لمرشحيها هو المفضل لدى العونيين، وبين قانون يعتمد النسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة ينادي به «حزب الله» و«حركة امل»، وبين نظام مختلط (نسبي- واكثري) يوافق عليه تيار «المستقبل» والقوات اللبنانية»، لكن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط تنصل منه وهو ينادي باعتماد النظام الاكثري حصرا مع تقسيمات ادارية جديدة مستندا الى مفهوم «الميثاقية» التي سبق لـ«التيار الوطني الحر» ان اعتمده لتعطيل الحوار الوطني ولاحقا الحكومة. لكن ذلك لا يعني حكما العودة الى «قانون الستين» انما رفض لأي شكل من اشكال النسبية طالما نحن في نظام طائفي.
ويذكرّ المصدر بان برنامج «الحركة الوطنية» التي كان يترأسها الراحل الشهيد كمال جنبلاط، دعا عام 1975 الى اعتماد النسبية الكاملة والدائرة الواحدة لكن بعد الغاء الطائفية السياسية. ويلفت الى ان المطالبة بذلك في الوقت الرهان تؤدي حتما الى غلبة طائفية «اساسها هيمنة شيعية سياسية بعد الهيمنة التي منبعها الاستقواء بالسلاح غير الشرعي».
ويتساءل المصدر عن احتمال تحميل الحكومة مسؤولية وضع قانون جديد لان من صلاحياتها كذلك احالة مشروع قانون الى البرلمان، لافتا الى ما ورد في بيان «كتلة الوفاء للمقاومة» الثلاثاء من ان اقرار قانون جديد «تعهد» التزمته الحكومة في بيانها الوزاري «رغم معرفتها المسبقة بالفترة المتاحة لإنجازه وان الاخلال بالتعهد «سيؤثر على الثقة بالحكومة».
لكن اقرار قانون جديد للانتخابات يتطلب توافقا سياسيا واسعا، فنتائجه ترسم توازنات الحياة السياسية وبالتالي يشكل اساسا رئيسا من اسس تكوين السلطة. لذا يتمسك وزير الداخلية نهاد المشنوق، كما سبق له واعلن، بدعوة الهيئات الناخبة وفق المهل الدستورية، لان الاولوية وفق المطلوب محليّا ودوليا احترام المواعيد. وبالتالي اقله يسجل للعهد الجديد اجراء الانتخابات في موعدها.