يحتاج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «نظرياً» لجرعة تهدئة في رأيه العام بإطلاق عدد من الأسرى، بمعزل عن أي فرصة لإطلاق حماس لأسرى من ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي، باستثناء الجرحى والمصابين منهم.
ولكنه في الواقع هو يحتاج أكثر لاستمرار النيران باتجاه تحقيق أهداف ميدانية تحقق له «انتصاراً» سياسياً، داخلياً على الأقل، لم يتحقق منه أي شيء بعد!
فقضم الجيش الإسرائيلي للأمتار القليلة داخل القطاع، ومؤخراً في خان يونس ما يزال بطيئاً. وهو لم ينجح بعد بتعطيل الهجمات المرتدّة لمقاتلي حماس. وبالتالي، فإن أي وقف لإطلاق النار في إطار صفقة تبادل الأسرى يعني إعطاء حماس فرصة لالتقاط أنفاسها وإعادة تنظيم صفوفها. وهذا ما لا يريده نتنياهو على الإطلاق.
لم يحقق الموساد الإسرائيلي أي نجاح في داخل القطاع، وإن كان نجح في تنفيذ اغتيالات خارج الأراضي الفلسطينية، كما في اغتيال صالح العاروري في معقل حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت. ولكنه لم ينجح في اغتيال أي صيد غزاوي «ثمين»، وبالتحديد من الفئة الأولى، من وزن يحيى السنوار أو محمد الضيف.
وما تزال معركة نتنياهو الأساسية هي معركة استرجاع ثقة بعض من الرأي العام الإسرائيلي وبعض من الثقة بالأمن الإسرائيلي، على الأقل في منطقة الغلاف وفي قرى ومستوطنات الشمال، حيث المواجهة مع حزب الله لم تبدأ «فعلياً» بعد! وهذه الثقة ما تزال مفقودة، ليس فقط بالحكومة الإسرائيلية وبرئيسها نتنياهو ولكن خاصة بالجيش وبقدرته على تحقيق الأمن! فالفاتورة الإسرائيلية الثقيلة والخسائر بالأرواح التي فاقت 500 قتيل بين ضابط وجندي منذ 7 أكتوبر وحتى اليوم تدفع باتجاه الحد من فرص وقف إطلاق النار، ولو بضغط نتنياهو باتجاه إفشال صفقة تبادل الأسرى بزي رفض حماس لها! وهو ما سيكون صعباً عليه، ولو سمح ذلك بإفراج حماس لحوالى 35 أسيراً كحد أدنى في هدنة من 35 يوماً، كما يجري تسريبه من المفاوضات حول الصفقة. في حين أن الإفراج الإسرائيلي سيكون على الأرجح، تقديرياً، بنسبة 1 لـ 10، أي بخروج حوالى 350 أسيراً فلسطينياً من أصل 9.000 في السجون الإسرائيلية، من دون تحرير أي من القيادات الفلسطينية الأساسية.
ما يريده نتنياهو هو صفقة تبادل للأسرى على صفيحة انتصار أوّلي لم تتحقق أي من ظروفه بعد! وذلك، مع حرف الأنظار العالمية عن غزة باتجاه البحر الأحمر.