بالرغم من إحتدام المعارك الإنتخابية على كامل الرقعة اللبنانية في الخمس عشرة دائرة إنتخابية فإنّ دائرة الشمال الثالثة، تستأثر باهتمام كبير لاعتبارات ليست قائمة في أي دائرة اخرى، منها على سبيل المثال لا الحصر:
أولاً – هذه هي الدائرة الوحيدة في لبنان التي تضم أربعة أقضية إدارية هي زغرتا وبشرّي والبترون والكورة.
ثانياً – هي الدائرة الوحيدة التي جميع نوابها العشرة من طائفة واحدة، الطائفة المسيحية (3 موارنة في زغرتا، مارونيان في بشري، مارونيان في البترون، ثلاثة أرثوذكس في الكورة).
ثالثاً – كما بات معروفاً فيها ثلاثة مرشحين جدّيين لرئاسة الجمهورية هم سليمان فرنجية وجبران باسيل وسمير جعجع.
رابعاً – من المرّات النادرة أن يشهد قضاء زغرتا ترشيحات من خارج البلدة (بيار رفول من مزياره / الحرف والبعيني من مجدليا).
خامساً – المرّة الأولى، تقريباً، التي لا يتوقع فيها فوز لائحة بكامل أعضائها. فالمؤشرات كلها تشي بخروقات وبإمكان فوز مرشحين من اللوائح الثلاث البارزة: لائحة القوات ولائحة المردة ولائحة التيار الوطني الحر.
سادساً – تلعب العائلات دوراً مهماً في العملية الإنتخابية يكاد يوازي دور الأحزاب تقريباً. ففي زغرتا وبشري يتجه الناخبون في أكثريتهم الى المسار العائلي (آل الدويهي، آل معوض، آل كرم، آل مكاري… في زغرتا)، ( آل طوق، آل عيسى الخوري /رحمة، آل كيروز، آل جعجع، آل فخري، آل شدياق… في بشري). مع الملاحظة أن هناك ثلاثة مرشحين من آل طوق في بشري.
سابعاً – هذه الدائرة أعطت لبنان رئيسين للجمهورية في العصر الحديث: المرحومان سليمان فرنجية ورينيه معوّض… كما برز فيها في الدورة الرئاسية الماضية مرشحان بارزان (سليمان فرنجية الحفيد وسمير جعجع)، وكذلك المرشح بطرس حرب. وأيضاً أحد أبرز المرشحين سابقاً (ولاحقاً) الوزير جان عبيد (إبن بلدة علما – قضاء زغرتا الزاوية).
ثامناً – تتميّز هذه الدائرة بأنّ فيها إنموذجاً للنسيج الوطني اللبناني بأطيافه كافة، إذ بالإضافة الى الأكثرية المارونية الكبرى وما يليها من حضور أرثوذكسي هو الأكبر في لبنان، فيها أيضاً نحو 22 ألف ناخب سنّي وعدد لا بأس به من الناخبين الشيعة…
تاسعاً – تمتاز الدائرة بمعالم تاريخية اثرية بارزة وبأدوار مهمة لشخصيات أدّت أدواراً مهمة في تاريخ لبنان. فزغرتا دار «المردة» والبطاركة والمؤرخين، والأبطال التاريخيين أمثال يوسف بك كرم، «قائمقام النصارى» (…) وبشرّي دار «المقدّمين» وكبار رجال الإكليروس من البطريرك أنطون عريضة الى المونسنيور اغناطيوس كيروز، الى «السماعنة» الكبار (حصرون)…وبشري هي مدينة جبران، وهي حاضنة وادي قاديشا، وطابعة العلم اللبناني بطابعها: الأرزة الخالدة. والبترون يكفيها أنها أنجبت البطريرك الياس الحويّك (أبو «لبنان الكبير») والكورة دار العلم والعلماء والثقافة وكبار الرجالات وأبرزهم الدكتور شارل مالك الذي لا تُذكر شرعة حقوق الإنسان إلاّ مرفقة بإسمه (…).