IMLebanon

خربوا التعليم الرسمي وعم بيكفوا عالخاص

 

 

أعلنت المدارس الكاثوليكية الإضراب المفتوح اعتراضاً على إقرار المجلس النيابي للقانون الذي يرمي إلى «تعديل بعض أحكام قوانين تتعلق بتنظيم الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة وتنظيم الموازنة المدرسية». وبعد الحديث عن تجميد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للقانون والانقسام الحاصل، تمّ تشكيل لجنة لوضع آلية تنفيذية للقانون، تأخذ في الاعتبار ملاحظات المدارس الكاثوليكية.

وحيث انّ الاعتراض على القانون في محله، الّا انّ هناك وسائل افضل وأسلم لإيصال الاعتراض غير الإضراب وحرمان التلامذة من الدراسة، قد تكون عبر توحيد الجهود بين كافة المدارس الخاصة والاتفاق على عدم تنفيذ القانون ومقاطعة وزارة التربية وعدم استقبال اي مشرفين منها. فلا يتحمّل التعليم في لبنان مزيداً من السلبيات وقد تراجع كثيراً.

 

انّ الحكومات المتتالية فشلت فشلًا ذريعاً في التعليم الرسمي، والآن تسعى لإرضاء الناس عن طريق تدخّلها في المدارس الخاصة وكأنّها قادرة على ضبط الأقساط والإبقاء على مستوى عالٍ في الوقت نفسه، ولو كان هذا صحيحاً لكانت استطاعت ان تنجح في المدارس الرسمية.

 

والعجيب انّ كثيراً من الأهالي يؤمنون انّه عبر تدخّل الدولة في موازنات المدارس الخاصة وتحديد اقساطها، ستستمر هذه المدارس في تقديم مستوى عالٍ في التعليم، وانّهم سيحصلون على الخدمة نفسها ويوفّرون المال في الوقت نفسه. لنتذكر انّ التجارب علّمتنا انّ اي خدمة تدخّلت فيها الدولة تراجع مستواها، وانّ الأنظمة التي تمسّكت بمبدأ تدخّل الدولة وحاربت مفهوم الربح والريادة، تراجع اقتصادها وافتقر الجميع فيها (بالطبع ما عدا البعض وفهمكم كفاية).

 

اشدّد انّ اي تدخّل للدولة في المدارس الخاصة وفي موازناتها هو خاطئ وسينتج منه تدني مستوى التعليم فيها ويمنع إنشاء مدارس جديدة خاصة. انّ دورالدولة هو منح حق التعليم لكل فرد عبر الحرص على توفير تعليم رسمي في مستوى عالٍ يضاهي المدارس الخاصة، وأهم مسؤولية لديها هو وضع امتحانات مناسبة وسليمة وخالية من الغش، وتسودها الشفافية في كل مراحلها وتطاول كل المدارس الخاصة والرسمية، وحينها تصبح انتاجية المدارس واضحة للجميع ويتمكن الأهل من اختيار المدرسة المناسبة. ومن حسنات شفافية الامتحانات اننا لا نعود في حاجة الى مراقبين يتحوّلون سماسرة.

 

وبالنسبة الى فشل الدولة في تأمين المستوى المناسب في التعليم الرسمي على الرغم من كل الخطط والموازنات الضخمة، نقترح الحل الآتي: أن تقوم الدولة بتلزيم المدارس الرسمية لمؤسسات تعليمية، مشهود لها قدراتها التعليمية، لرفع مستواها بكلفة محدّدة. وطالما انّ الدولة تحرص على وضع امتحانات سليمة ومن دون غش، وشفافة النتائج، يصبح من السهل التأكّد من النتائج. وبالطبع اذا قرّرت الدولة تبنّي هذا الطرح، يتمّ وضع تنظيم متكامل لمنع الاحتكارات، وتعدّد الاختيارات وتطبيق شفافية مطلقة وغيرها من التفاصيل الضرورية لإنجاح هذا الطرح.

 

ومع انتهاء العام واستقبالنا لعام جديد، نحافظ على اقتناعنا الثابت بأنّ لبنان قادرعلى الخروج من محنته وتحقيق ازدهار كبير اذا تغيّرت السياسات المدمّرة التي تمّ اتباعها على مدى عقود.

 

وان يتحقق وعي شامل بأن لا خلاص للبنان من دون اعتماد الشفافية المطلقة وتعزيز الانتاج وتحفيز الاستثمار، واعتماد سياسات تستفيد من مقومات لبنان الكثيرة.

 

آمالنا في السنة المقبلة ان يتوقف تدمير الاقتصاد خدمة للسياسة، وان نحظى بمسؤولين قادرين على تحقيق انجازات، مسؤولون يملكون ضميراً حيّاً يجعلهم يعملون ليلاً نهاراً بلا كلل لإيقاف عذابات المواطن اللبناني الذي تحّمل ويتحمّل الكثير.

 

ويبقى املنا الكبير ان تكون الشفافية المطلقة أساس العمل في كل مفاصل الدولة، وان نخرج من العتمة الى النور. وكل عام وأنتم بخير.