تستعدّ المدارس لفتح أبوابها أواخر أيلول، في وقت تمرّ فيه وجميع القطاعات بأكبر أزمةٍ نتيجة تزامن المصائب التي أبت أن تأتي فرادى. حيث يفرض وباء كورونا وأزمة الدولار وتفجير بيروت الذي أدى الى تضرر 159 مدرسة، على القيمين على القطاع والعاملين فيه تحدّياً هو الأكبر في تاريخه. في وقت تتكاسل فيه الدولة التي تفيد دراسات بأن أكثر من نصف سكانها بات تحت خط الفقر، ما يعزز الخشية من حرمان آلاف التلاميذ من حقهم بالتعلم نتيجة الأسعار الباهظة جداً لكل المستلزمات. وفي حين تستمرّ أزمات التعليم الرسمي، وتنتظر وزارة التربية غوث الدول والمنظمات الدولية، بدأت المدارس الخاصة بالتحضير لبدء العام الدراسي وباتخاذ اجراءات لمحاولة إنقاذ نفسها من تبعات الأزمات الإقتصادية والأمنية والصحية.
في حديث إلى “نداء الوطن” يلفت أمين عام المدارس الكاثوليكية، الأب بطرس عازار، إلى خصوصية التعليم الخاص في لبنان، خصوصاً في ظل واقع الخدمة التربوية الرسمية. ويدعو الدولة لدعمه انطلاقاً من أن الواقع الاقتصادي قد أثر على المدارس والأهل والتلامذة، ومن أن دعم المدرسة يسند الأهل والطلاب. وبناءً على نظريته يطالب عازار بتشريعات جديدة، “أظهرت دراساتنا أنّ متوسط قسط التلميذ يتراوح بين 4 و5 ملايين ليرة. بما أن الدولة تتخوف من تسرب التلاميذ من الخاصة إلى الرسمية وعدم قدرتها على استيعابهم، اقترحنا أن تدفع بين 3 و 4 ملايين ليرة عن كل تلميذ لقاء بقائه في مدرسته الخاصة. في وقت أظهرت دراسات أن كلفة التلميذ قي المدرسة الرسمية بين 8 و 20 مليون ليرة”.
ويرى عازار أن طرحه سيوفر على الدولة مبلغاً كبيراً في الوقت الذي تتوقع فيه وزارة التربية تسرب 150 ألف تلميذ. ويدعم اقتراحه باعتبار أن الدستور قد احترم حرية التعليم وحرية الأهل باختيار المدرسة، مذكّراً بالخطوة التي حصلت في العام 1988 عندما دعمت الدولة المدارس الخاصة. ولا يملك عازار تقديراً عن عدد التلاميذ الذين سيتركون المدارس الكاثوليكية، بسبب تراجع التواصل مع الطلاب وأولياء أمورهم بعد توقف التدريس فجأة بسبب كورونا، ومن ثم وقوع الانفجار الذي لم يشجع الأهل على التوجه إلى المدارس وتسجيل أبنائهم. وفي حين يتطلّب طرح أمين عام المدارس الكاثوليكية العديد من الإجراءات القانونية والتشريعية في وقت يتخاذل فيه النواب عن القيام بتشريعات ملحّة لتجاوز الأزمة، تتخذ المدارس إجراءات أخرى. وإذ سمّي يوم 28 أيلول “اليوم الوطني للعودة”، فإن المدارس ستستكمل التسجيل والمعاملات الإدارية ابتداءً من العاشر من أيلول، “ستفتح المدارس أبوابها للأهل والطلاب والأساتذة، وهناك وقفة تضامنية بسبب الضغط النفسي الذي طال الجميع”.
ويتوقع عازار أن يفتتح العام بالتعليم عن بعد لتذكير الطلاب بالمناهج قبل البدء بالتعليم الحضوري. ويشير إلى استمرار مشكلة عدم تقبل التعليم عن بعد، وتنتظر المدارس الكاثوليكية أن تقدم وزارة التربية البروتوكول الصحي، وأن يعلن المركز التربوي للبحوث والإنماء عن المناهج المطلوبة، وتتوجه هذا العام لترك مسألة القرطاسية للأهل والتقشف بطلب المستلزمات.
المدارس الانجيلية مستعدة
من جهتها تبدو المدارس الإنجيلية أكثر استعداداً لبدء العام الدراسي، وفي اتصال مع “نداء الوطن” يؤكد د. نبيل قسطه أمين عام المدارس الانجيلية استمرار التنسيق مع الوزارات المعنية، “لكن مع تحول الحكومة إلى تصريف الأعمال خفّت الهمة”. ويؤكد قسطه استمرار التحضيرات لاحتمالات عدة كالتعليم عن بعد والتعليم المدمج. “دربنا الأساتذة على التعليم عن بعد وعلى الخطابة أمام العامة، وسيحضرون إلى المدرسة ويعطون الحصص”. كما يؤكد مساعدة المدرسة للأهالي لتخطي هذه الفترة، ولأن أسعار الكتب والقرطاسية قد تضاعفت أكثر مما تضاعف سعر صرف الدولار وبات يعجز معظم الأهالي عن تأمينها، تحاول إدارة المدارس الإنجيلية تحويل الصفوف إلى صفوف خالية من الكتب والاعتماد على الألواح الذكية. “قمنا بتأمين ألواح ذكية لجميع التلاميذ عبر دعمها، سيدفع الأهل 100 $ فقط من سعرها وبالتقسيط، بينما يبلغ سعرها بين 200 و220 دولاراً”.
من الناحية الصحية يؤكد قسطه تجهيز الصفوف لمنع انتشار العدوى بين التلاميذ عند بدء التعليم المدمج، حيث جهزت بكراسٍ آمنة مجهزة بزجاج للحماية، وستستخدم عدة لتعقيم كل طفل. ويقدر أمين عام المدارس الإنجيلية عدد الطلاب الذين سيتركونها بحوالى 10% فقط. ويعد بأن لا ترفع هذه المدارس أقساطها هذا العام، لكنه يشير إلى أنه لا يمكن أن يبقى راتب الاستاذ 200 أو 300 دولار. إشارةً إلى أن مدارس انجيلية عدة تضررت نتيجة الانفجار، وعلى الرغم من الخسارة الكبيرة غير أن الإدارة سارعت لترميمها استعداداً للعام الدراسي، إذ قد تطول المدة قبل دفع التعويضات.