لم تتأخّر بعض المدارس الخاصة في فرض زيادة على الأقساط المدرسية بنسب متفاوتة بلغت في حدّها الأدنى 22% كما حصل في إحدى المدارس في العاصمة الأسبوع الماضي، وذلك بصرف النظر عن القرارات الرسمية والنقابية المتعلّقة بتجميد أي زيادة قبل مطلع العام المقبل. في غضون ذلك، يستمر الخلاف بين اتحاد المؤسّسات التربوية والمدارس الكاثوليكية من جهة، ونقابة المعلمين للمدارس الخاصة من جهة أخرى. ومن شأن هذا الواقع نقل المواجهة الدائرة بين المعلمين والمدارس إلى مواجهة بين أهالي الطلاب والمعلمين، ولو حصل ذلك بشكل غير مباشر، خصوصاً بعد دعوة الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار، إدارات المدارس الكاثوليكية إلى التريّث في دفع الرواتب على أساس السلسلة الجديدة للمعلمين خلال الشهر الجاري. ويشار في هذا المجال، إلى أن بعض هذه المدارس سبق وأن أبلغت المعلمين لديها أنها ستدفع الزيادات كما وردت في القانون 46، ولكن من دون دفع المفعول الرجعي عن هذه الرواتب، والذي يقدّر بعشرات الملايين من الليرات لكل أستاذ.
فالأب عازار، الذي يعتبر أن لا قدرة للمدارس الكاثوليكية على تطبيق القانون 46 في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة حيث تبرز عقبات أمام زيادة الأقساط المدرسية لتغطية كلفة السلسلة، يضع الكرة في ملعب وزارة التربية، كما أنه يؤكد على وجوب مواصلة الحوار بين كل الأطراف المعنية بهذا الملف، ومن خلال لجنة الطوارئ التي شكّلتها الوزارة، ذلك أن طاولة الحوار التي تضم ممثلين عن لجان الأهل في المدارس الخاصة ونقابة المعلمين وإدارات المدارس، هي المكان الصحيح للتوافق على الأزمة التي تهدّد العام الدراسي في الدرجة الأولى ومستوى التعليم الخاص في الدرجة الثانية.
في المقابل، فإن نقابة المعلمين في المدارس الخاصة ردّت على طلب التريّث الذي أطلقه الأب عازار الأسبوع الماضي، معلنة المضي في قرارها بإعلان الإضراب مطلع الشهر المقبل فيما لو امتنعت إدارات المدارس عن تطبيق القانون رقم 46 ودفع الرواتب، وذلك كخطوة أولى في وجه أي قرار بحرمان المعلمين من حقهم بسلسلة الرتب والرواتب.
وفي هذا الإطار، حذّر نقيب المعلمين رودولف عبود، من أن الإضراب لن يقتصر على يوم واحد للتعبير عن الإحتجاج، بل هو يأتي في سياق خطوات تصعيدية يتم الإعداد لها للمطالبة بإنصاف المعلمين من خلال تنفيذ القانون 46، ودفع الزيادات التي ينتظرها المعلمون منذ خمس سنوات، وبالتالي، هم ليسوا في وارد التنازل عنها تحت أي ذريعة أو حجة. ولفت إلى أن محاولات عدة تجري منذ إقرار قانون سلسلة الرتب والرواتب عبر إثارة مسألة فصل التشريع بين القطاعين الخاص والعام، واستكمال الحوار برعاية وزارة التربية، ومن خلال لجنة الطوارئ التي تبحث في حسن تطبيق القانون 515، وليس في آلية تطبيق القانون 46 أو السلسلة، إضافة إلى مطالبة الحكومة بتغطية الزيادات كما يطالب الأب عازار، وصولاً الى دعوة رؤساء المدارس الكاثوليكية للإستمرار في التريّث في تطبيق القانون 46.
أما وقد حصل المعلمون في التعليم الرسمي على حقوقهم، فإن الأزمة تبقى مفتوحة في التعليم الخاص، حيث تتصاعد الحملات بين اتحاد المدارس التربوية والأمانة العامة الكاثوليكية ونقابة المعلمين، في ظل غياب اي دور فاعل للجان الأهل في المدارس الخاصة، من الممكن أن يساعد في تقريب المسافات بين طرفي الأزمة. ومعلوم أن بعض المدارس، إن لم يكن معظمها، قد رفع الأقساط منذ أكثر من خمس سنوات، وبنسب متفاوتة بين مدرسة وأخرى، وبشكل بات يجهل عن أي زيادة تتحدّث عنها إدارات هذه المدارس غير مقبولة من قبل أهالي الطلاب.
وفي حين باشرت بعض المؤسسات التربوية في احتساب رواتب المعلمين وفق السلسلة الجديدة، فان المواقف لم تتبدل من جهة نقابة المعلمين التي رفعت الصوت مقابل اعتراض الأب عازار، على لهجة التهديد واستمراره في مطالبة الحكومة بدفع الزيادة للأساتذة من خزينة الدولة، وهو ما رفضه الوزير مروان حماده. ومن المتوقّع أن تشهد الأيام المقبلة ارتفاعاً في وتيرة الخطاب بين طرفي الأزمة، خصوصاً مع دخول أطراف جديدة على خط التصعيد عشية موعد الإضراب المرتقب، أبرزها وزارة التربية ولجان الأهل، وذلك في حال عادت الإضرابات والإعتصامات إلى الشارع في كل المناطق.