فيما يُلملم العام الحالي أوراقه مؤذناً بالرحيل، أعلنت المدارس الكاثوليكيّة إقفال أبوابها في إضراب مفتوح، قبل يوم من عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة. إذ فجّر القانون المتعلّق بصندوق التعويضات الصادر عن مجلس النواب في جلسته الأخيرة، إستقرار السنة الدارسية، ودفع إلى تقاذف كرة المسؤوليات بين الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية وإتحاد المؤسسات التربوية الخاصّة من جهة، والبرلمان ونقيب المعلّمين في المدارس الخاصّة نعمة محفوض من جهة أخرى، حيث كان للأخير اليد الطّولى في إقرار القانون.
بين هذا المنطق وذاك، يحصد الطلّاب نتائج الخلاف التربوي – القانوني بين المتنازعين، في حال قرّروا التمترس في خنادقهم. فعلى جبهة المدارس، شدّد الأمين العام الأب يوسف نصر على تعاطفه وتضامنه مع الأساتذة المتقاعدين، مُعتبراً أنّ المشكلة تكمن في التشريعات المجتزأة وغير المستندة إلى دراسات علمية. وأشار إلى أنّ «القانون المقترح حينها والذي تمّت مناقشته في اللجنة النيابية يختلف عن ما تمّ تمريره في اللحظة الأخيرة»، معتبراً أنّ «الصندوق كمؤسّسة خاصة لا يحقّ له قانوناً أن يتقاضى عملات أجنبية، كما أنه يعطي التعويض على أساس الراتب القانوني، والذي يخضع لسلسلة الرتب والرواتب».
ورأى أنّ «تشريع التعامل بالعملات الأخرى يتبعه تلقائيّاً إقتطاع 11% للضمان وضريبة دخل تصاعدية قد تصل إلى 25% من قيمة المساعدة الإجتماعية بالدولار»، سائلاً: «من أين تأتي المدرسة بالمال اللازم؟ أتقتطعه من المساعدات الإجتماعيّة أم تزيده على أقساط ومساهمات الأهل»؟ وتكمن المشكلة وفق نصر في صندوق التعويضات «نحن أمام مجلس إدارة يصرّف الأعمال ولا يمكنه اتخاذ القرارات».
وعن براءة الذمّة الملحوظة في القانون والتي تنالها المدارس بعد تسديد مستحقّاتها للصندوق، لفت نصر إلى أنّ «المدارس الكاثوليكية ليست بحاجة إليها، فنحن وبشهادة القيّمين، لم نتخلّف يوماً عن واجباتنا. لكن هذا المجلس لديه فقط 20 موظّفاً لتلبية براءات الذمّة لـ1600 مدرسة خاصّة خلال شهر. وختم الأب نصر متمنّياً ألا يصدر القانون بالجريدة الرسمية والتوصّل إلى حلول وبدائل وتشريعات متكاملة تسدّ الثغرات الدائمة وتمنع العرقلة كلّ مرة».
محفوض
ردّ نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض على بيان الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية لناحية أنّ «القانون تمّ تمريره في اللحظة الأخيرة»، موضحاً أن الجهة المذكورة قد شاركت في اجتماع لجنة التربية النيابية عندما أُقرّ مشروع القانون المتعلّق بأفراد الهيئة التعليمية بالمدارس الخاصة وبالموازنة المدرسية وأحيل إلى اللجان المشتركة لإقراره وتحويله إلى الهيئة العامة». وأضاف أنه «منذ شهر ونحن نُلحّ لعقد اجتماع مع الأمانة والاتحاد لدرس وضع صندوق التعويضات وصندوق تقاعد المعلمين من دون جواب، غير أنّ الردّ قد أتى مساء أمس الأول (الخميس) بأن يكون اللقاء في 3 من كانون الثاني، بناء على قرار إتحاد المؤسسات التربوية الخاصّة». وشدّد محفوض على أنه «منذ سنة ونيّف ونحن نطالب الأمانة العامة والإتحاد بحل لموضوع الأساتذة المتقاعدين وهم على شفير الموت يتقاضون منذ أربع سنوات رواتب تتراوح بين مليون وثلاثة ملايين ليرة، أي أصبحت 10 و 30 دولاراً في الشهر».
وفي اعتبار بيان الأمين العام أنّ «صندوق التعويضات كمؤسّسة خاصة ذات منفعة عامة لا يحقّ له قانونًا أن يتقاضى عملات أجنبية»، سأل محفوض: «وفق أي قانون إذا فرضت تلك المدارس الدفع بالدولار على الأهالي كمساهمات من أجل استقرار المدرسة الخاصة وتأمين حاجياتها»، مردفاً: «لهذه الأسباب أيضاً طالبنا المدارس بدفع نسبة من العملة الأجنبية لضمان استمرار صندوق التعويضات الذي يحتاج كالمدارس إلى محروقات واتصالات وكهرباء ولوازم مكتبية ورواتب موظّفين».
أمّا عن النقطة المتعلّقة بإعطاء «التعويضات أو التقاعد على أساس الراتب القانوني للمعلّم، والذي ما زال يخضع لسلسلة الرتب والرواتب المقرّة في القانون 46 /2017»، فأشار محفوض إلى أن «الإنهيار الحاصل في البلد دفع الحكومة إلى زيادة الرواتب 6 مرّات، فهل المطلوب أن تبقى معاشات الأساتذة وفق هذا القانون وحرمانهم من الزيادات التي أقرّتها الدولة؟».
كما انتقد النقيب بيان الأمين العام عن أنّ «المعلّم المتعاقد لا يستفيد من صندوق التعويضات في تعويض نهاية الخدمة، فلماذا إلزامه بدفع نسبة 8%»، لافتاً إلى أنّ القانون كان يفرض عليهم في التسعينات المساهمة بنسبة 6% لصندوق التعويضات على أن يسترد المبلغ، وقد أُعيد العمل بهذه المادة، اذ يدفع المتعاقد نسبة 8% على أن يسترد الخصومات في نهاية الخدمة». وذكّر أنه «خلال اجتماع اللجنة النيابية التربوية حضر مندوبون عن الأب نصر، وقتها طالبت اللجنة بإعداد دراسة إكتوارية، قمت بها ورفعتها إلى الحاضرين، تخلُص إلى أن زيادة النسبة من 6% إلى 8%، تُؤمّن المبلغ المطلوب ألا وهو 65 مليار ليرة لبنانية شهريّاً».
في الختام، يوافق محفوض على كلام الأب نصر لجهة أنّ المدارس الكاثوليكية لم تتأخر يوماً عن دفع مستحقاتها أو مساهماتها لصندوق التعويضات، داعياً في الوقت ذاته إلى استغلال عطلة الأعياد لفتح حوار يفضي إلى تأمين حقوق الأساتذة.