في العادة، تنال المدارس الخاصة – الدكاكين «موافقات استثنائية» سنوياً (لكونها لا تحمل رخصاً قانونية) تغطي تزوير أصحاب هذه المدارس للوائح الطلاب والإفادات وتسجيل الطلاب الوهميين منهم وترفيع الراسبين لقاء آلاف الدولارات. ويمنح وزير التربية مئات الموافقات بناءً على اقتراح رئيس مصلحة التعليم الخاص في الوزارة (الذي يشغل حالياً أيضاً منصب المدير العام للتربية) عماد الأشقر، بحجة أن الوزارة تأخّرت في معاملة الرخصة، على أن تتعهد المدرسة بالإقفال في حال عدم إتمام مستنداتها.وبدعة الموافقات، منذ بدء إعطائها قبل عشرات السنوات، تُجدّد تلقائياً بلا حسيب أو رقيب، ومن دون حاجة إلى نيل ترخيص. ولم يفلح أيّ من الوزراء المتعاقبين في معالجة هذا الملف الشائك رغم تعهد البعض بذلك، وتهديدهم باتخاذ إجراءات قانونية بحق أصحاب المدارس الوهمية الذين يتلاعبون بمستقبل الطلاب، وتحويل الموظفين المتورطين في الوزارة إلى النيابة العامة المالية وكشف من يدير اللعبة ويصدر فتاوى قانونية لتمرير الملفات وقبض الرشى، إذ يحدث أن يرفع رئيس مصلحة التعليم الخاص السقف، فيوجّه إنذاراً إلى مدرسة كانت قد نالت موافقة استثنائية ويبلغها بعدم جواز تسجيل أي تلميذ تحت طائلة وقفها عن العمل إذا لم تنجز الشروط المطلوبة والنواقص، ومن ثم يعطيها موافقة استثنائية بعد الإنذار، أو بالأحرى كما يقول البعض: «بعد أن تدفع أكثر»!
«ليسيه بلانيت» في منطقة برج البراجنة هي إحدى المدارس الخاصة التي تنال موافقات استثنائية لتسجّل طلاباً في المرحلة الثانوية، باعتبار أن مرسوم ترخيصها الرقم 17735 بتاريخ 26 أيلول 2006 يجيز لأصحابها فتح مدرسة خاصة لمراحل الروضة والتعليمين الابتدائي والمتوسط فقط.
«موافقات استثنائية» بآلاف الدولارات والإنذارات لرفع قيمة الرشوة
وكانت صاحبة الإجازة (ز. ع.) تنازلت عنها من دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، و«بيعت» الإجازة 4 مرات بموجب اتفاقيات غير رسمية لدى الكتابِ العدلِ لـ4 أشخاص مختلفين، علماً أنها بقيت باسم صاحبتها الأساسية في كل المعاملات الإدارية مع الوزارة، في حين أن من يديرها ويدير سمسراتها حالياً بعلم الأشقر، وعدد من الموظفين في مصلحة التعليم الخاص، هي (هـ. أ ). وتظهر مراجعة السجلّ المالي للمدرسة مبالغ بمئات الدولارات تُعطى لهؤلاء من الموازنة لقاء حصول المدرسة على الموافقات الاستثنائية.
كذلك جرى الاتفاق أيضاً مع (م. ح.) على أن يأخذ 50% من الإجازة مقابل مبلغ 50 ألف دولار، وهو ما يُعد مخالفة تقتضي سحب ترخيص المدرسة، علماً أن الأشقر وجّه إنذاراً بإقفال المدرسة بعد خلاف بين (م. ح.) و(هـ. أ. ) قبل أن يعود إلى إعطاء الموافقة الاستثنائية بعد حل الخلاف. فهل ستتابع الوزارة هذا الملف وتعتبره بمثابة إخبار؟
وفي حكاية مشابهة، يستعين مدير مدرسة الأزهر في البقاع برئيس تجمع اتحاد المدارس الخاصة في لبنان، نضال عبدالله، للحصول على الموافقات الاستثنائية منذ عام 2016 – 2017 للمدرسة التي لا تملك أي مرسوم ترخيص لا في المرحلة الابتدائية ولا في المرحلة الثانوية. ويتوسط مسؤول العلاقات العامة في الاتحاد، إسماعيل عاصي لدى إحدى الموظفات في مصلحة التعليم الخاص. وعلمت «الأخبار» أن المدرسة دفعت 10 آلاف دولار لقاء آخر موافقة استثنائية حصلت عليها. وتنسّق المدرسة مع موظف آخر في المصلحة يحرر التقرير الذي تنال على أساسه المدرسة «الموافقة الاستثنائية»، علماً أنه ليس مهندساً ولا يحق له أن يكشف على المبنى لكونه موظفاً متعاقداً بصفة سائق يقبض من المنطقة التربوية في بيروت.
الخطير في هذا الملف أن رئيس مصلحة التعليم الخاص يحوّل عادة ملف «الموافقة الاستثنائية» إلى المدير العام للتربية الذي يكلّف بدوره موظفاً ليتأكد من توافر الأوراق المطلوبة وحسن سير العملية، إلا أن ذلك لم يعد يحصل اليوم، باعتبار أن رئيس مصلحة التعليم الخاص هو نفسه المدير العام، ولا يمر الملف بأي «فيلتر» قبل أن يصل إلى الوزير الذي غالباً ما يوقّع على بياض.