Site icon IMLebanon

اتحاد المدارس الخاصة يقونن التحايل

 

 

يسعى اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة عبر ممارسة ضغوط مختلفة من خلال شخصيات ورموز دينية وسياسية، لتعطيل القوانين والآليات الرقابية، إلى التحرر من أي ضوابط. الاتفاق الأخير بين الاتحاد ونقابة المعلمين هو إحدى قنوات التحايل التي تنسف قانون دعم صندوق التعويضات

 

ليست المرة الأولى التي يحاول فيها اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة تجميد المادة 2 من القانون 515/96، أي تحرير الأقساط وتعطيل دور لجان الأهل المنصوص عليه قانوناً في الرقابة والتدقيق والموافقة على الموازنات المدرسية، وبالتالي إلغاء المهمة الأساسية لهذه اللجان. فقد حاولت النائبة السابقة بهية الحريري، المالكة لشبكة مدارس خاصة، تمرير تجميد المادة 2 مرتين، الأولى عندما كانت رئيسة للجنة التربية، والثانية عندما ضغطت لإدراج بند التجميد من خارج جدول أعمال الجلسة التشريعية. اليوم تحاول المدارس الخاصة، عبر نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب، تكريس التجميد من خلال اتفاق جانبي بين اتحاد المؤسسات ونقابة المعلمين، ومن دون حضور ومشاركة لجنة التربية النيابية واتحادَيْ لجان الأهل والوزارة.الاتفاق الجديد ينسف القانون الذي أُقرّ في 15 كانون الأول 2023 والموجود حالياً في المجلس النيابي، لتعديل مواد من قانون صندوق التعويضات والقانون 515، بما يرفع نسبة اشتراكات المعلمين والمدارس في صندوق التعويضات إلى 8% بأي عملة كانت لأساتذة الملاك والمتعاقدين، ويلزم المدارس الخاصة بتقديم براءة ذمة من الصندوق كشرط أساسي لموافقة الوزارة على موازناتها. وكانت المدارس الكاثوليكية عطّلت هذا القانون بإعلان الإضراب قبيل عطلة عيد الميلاد والضغط، من خلال البطريرك بشارة الراعي، على كل من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير التربية عباس الحلبي لردّه إلى المجلس النيابي. فعمد الحلبي إلى صياغة بروتوكول بين المدارس الخاصة ونقابة المعلمين واتحاديْ لجان الأهل، مشترطاً أن تتم الموافقة عليه في مجلس الوزراء لشرعنته شكلاً، ورفع المسؤولية عنه، وهو على يقين، كما مختلف المكوّنات الأخرى، بأنه لن يُنفّذ، إذ لا تبعات قانونية وعقابية على غير الملتزمين به. علماً أن الحلبي رفض المسّ بالمادة 2 من القانون 515/96، أو أي قانون آخر، كون البروتوكول ليست له وظيفة تشريعية بل مجرد اتفاق.

المستغرب أن يتجاوز بو صعب، وهو أحد المعنيين المباشرين بحماية القوانين، الديمقراطية النيابية بإبرام اتفاقية جانبية ستكون نافذة سواء أُقرت أو لم تُقر في المجلس النيابي، علماً أنها تخدم مصالح المدارس الخاصة وتحررها من الرقابة التي نصّ عليها القانون 515/96.

الاتفاق حذف كلمة «مساعدات» الواردة في قانون 15/12/2023 («تحدد مساهمة المدرسة في تغذية صندوق التعويضات لأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة بنسبة 8% من مجموع الرواتب والمساعدات بحسب العملة التي تُدفع …»)، ما يعني أيضاً وقف العمل بالمادة الأولى من القانون 515/96 التي تُعرّف القسط المدرسي بأنه «ما تفرضه المدرسة على التلميذ من مبالغ، أياً كانت تسميتها، عن سنة دراسية…». فمصطلح «المساعدات» المستحدث في قانون 15/12/2023 غرضه شرعنة دعم رواتب وأجور المعلمين بالعملة الأجنبية بسبب الأزمة، في حين أن المبالغ المفروضة على الأهل بالليرة والمقدّمة إلى الهيئة المالية في لجنة الأهل والوزارة لا تشكل أكثر من 10% من المبالغ التي تتقاضاها المدرسة كـ«مساعدات»، وبالتالي ستُدرج في الموازنة. أما حذفها فيحرر هذه المساعدات من أي رقابة، ويكون القسط الفعلي بضعة آلاف من الدولارات، فيما المصرّح عنه للأهل والوزارة لا يتعدى عشرات الدولارات. ولن تكون المادتان الأولى والثانية من القانون 515/96 نافذتين في هذه الحالة، فماذا يبقى من القانون؟

بقبولها الاتفاق الجانبي تساهم نقابة المعلمين في شرعنة التحايل

 

ما هو السر الدفين الذي جنّد كل هذه القوى السياسية والبرلمانية والطائفية لحماية مصالح المدارس الخاصة؟ هل هو فعلاً 900 ألف ليرة لصندوق تعويضات المعلمين المتفق عليها في البروتوكول أم أنها براءة الذمة المالية من صندوق التعويضات التي تفرض نموذجاً جديداً من الرقابة وتضيّق إمكانية الربح من تضخيم أعداد المعلمين المسجّلين في الصندوق لتضخيم الموازنة؟ أم أنها إدراج كل الأقساط بكل العملات في الموازنة؟ أم رغبة المدارس في التحرر من أي رقابة ومن ضمنها رقابة لجنة الأهل؟

رغم وقوف الأهالي مع حقوق المعلمين في مختلف المحطات، يبدو مستغرباً أن توافق النقابة على صيغة اتفاق تجميد المادة 2 من القانون 515، فماذا سيكون رأي المعلمين لو سعى الأهالي إلى اتفاق لتجميد دفع اشتراكات المعلمين في الصندوق، وإن كان الأهل لن يقفوا إلا مع تطبيق القانون حتى لو كان جائراً بحقهم، ولا يساهمون بقضم حقوق الشركاء الآخرين؟

قبول نقابة المعلمين بهذا الاتفاق هو مساهمة في شرعنة التحايل، وقد يطاول تحايل اتحاد المؤسسات التربوية في المستقبل حقوقاً أساسية للمعلمين، إذ سبق للمؤسسات التربوية التغاضي عن دفع حقوق المعلمين في محطات عدة كان أبرزها التمنع عن دفع السلسلة والدرجات التي أُقرت عام 2017. لذا من واجب النقابة الاعتراض على هذا التحايل والخداع والانسحاب من هذا الاتفاق والعودة للضغط لتفعيل قانون 15/12/2023 المتفق عليه أصلاً والمُقر في المجلس النيابي.