Site icon IMLebanon

خصخصة التسوية السياسية  وتأميم عودة اللاجئين؟

 

الرئيس فلاديمير بوتين يلعب أوراق روسيا السورية على مراحل فوق مسرح أوسع من سوريا والمنطقة. كل مرحلة تخدم وتقود الى أخرى في اطار استراتيجية متكاملة عسكريا وسياسيا وديبلوماسيا. وكل حركة للدبّ الروسي تدار بشطارة الثعلب على طريقة مكيافيللي الناصح للأمير بأن يجمع في شخصه قوة الأسد وشطارة الثعلب. وليس عقد محادثات أستانا – ١٠ في سوتشي سوى اشارة الى ان وظيفة مسار أستانا انتهت. ولا قبول الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا البحث في تشكيل اللجنة الدستورية مع روسيا وايران وتركيا خلال اجتماع مفترض في جنيف الشهر المقبل سوى اشارة اخرى الى ان وظيفة مسار جنيف تبدّلت، وصار مركز اللعبة مسار سوتشي.

ذلك ان وظيفة مسار أستانا الأساسية، وسط تعدّد العناوين في المحادثات، كانت إقامة مناطق خفض التصعيد. والهدف، وراء الهمّ الانساني المعلن، هو شلّ أو إضعاف امكانات المعارضين المسلحين وتقوية قدرات النظام، ثم تأمين الظروف على الأرض بالدعم العسكري الروسي والايراني، وفي الكواليس بتفاهمات موسكو مع واشنطن وأنقرة وعمان وتل أبيب لاستعادة دمشق السيطرة على تلك المناطق: الغوطة، شمال حمص، الجنوب السوري. ولم تبق سوى منطقة ادلب التي غصّت بالمسلحين المعتدلين والمتشددين الارهابيين الذين نقلتهم القوافل باشراف روسي من مناطق خفض التصعيد، ولا أحد يعرف متى تبدأ معركتها.

 

ولم يكتم وزير الخارجية سيرغي لافروف القول ان المتغيرات الميدانية وبسط الحكومة السورية سيطرتها بعد طرد الارهابيين ينهي عمليا الحاجة الى مناطق خفض التصعيد، لأنه لم يعد هناك تصعيد.

وليس خارج السياسة إعطاء الأولوية حاليا لموضوع انساني هو عودة اللاجئين والنازحين السوريين الى بلادهم، حتى من جانب الذين ساهموا في تهجيرهم خلال المعارك. فما تركّزت عليه الجهود الدولية على مدى سنوات، وخصوصا خلال مرحلة الرعاية الأميركية – الروسية لمسار جنيف، هو دعم عملية سياسية تديرها الأمم المتحدة تفتح ملف التسوية السياسية والاصلاح الدستوري، بحيث يصبح المناخ ملائما لاعادة الاعمار وعودة اللاجئين والنازحين وتأمين كل متطلبات الملف الانساني. وما تعمل له روسيا حاليا هو الانطلاق من الاتجاه المعاكس: فتح ملف عودة النازحين لمطالبة المجتمع الدولي برفع العقوبات على دمشق والمساهمة الأساسية في اعادة الاعمار، ثم انتظار المسار الدستوري الذي جرى عمليا نقل مرجعيته من الأمم المتحدة وبالتالي الخمسة الكبار الى الدول الثلاث الضامنة روسيا وايران وتركيا.

والفارق كبير بين ان تجرّب موسكو وبين ان تصدّق امكان النجاح في لعبة مزدوجة متناقضة: خصخصة التسوية، وتأميم عودة اللاجئين.