لا يرى مصدر وزاري مطّلع في الهواجس المترتّبة عن الأزمات السياسية الداخلية أيّ أخطار مباشرة على المعادلة الداخلية، ذلك أن ما تحقّق من إنجاز أخيراً في سياق التلاقي والتشاور في القصر الجمهوري، قد حدّد الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة على المستويين السياسي والإداري مقابل تنسيق أمني في إطار المؤسسات الأمنية الرسمية. وكشف أن ما سجّل بالأمس من عمليات في جرود عرسال ضد التنظيمات الإرهابية، يندرج ضمن هذا السياق، مع العلم أن المداهمات التي نفّذها الجيش، ليست جديدة وهي تهدف إلى منع العناصر الإرهابية من تنفيذ اعتداءات في المنطقة، أو في أي منطقة لبنانية أخرى، إضافة الى ضبط الوضع الأمني في الجرود بعد معلومات عن استعدادات في صفوف التنظيمات الإرهابية للقيام بردود فعل على الساحة اللبنانية نتيجة الإنهيار الكبير الذي تتعرّض له على الساحتين السورية والعراقية.
وقال المصدر الوزاري، أن هذه المتابعة الأمنية التي ظهرت إلى الأضواء بالأمس بعد تنفيذ إرهابيين تفجيرات إرهابية، تشكّل جزءاً من خطة سرّية بدأت المؤسّسة العسكرية بتنفيذها منذ أسابيع، وعبر تنسيق مباشر مع كل الأجهزة الأمنية بهدف تحقيق أمرين أساسيين:
الأول: تأمين الإستقرار الكامل في كل المناطق وليس فقط على الحدود، وذلك تزامناً مع بداية الموسم السياحي، والذي يشهد خلاله لبنان إقبالاً غير مسبوق من قبل المغتربين والسياح العرب والأجانب.
الثاني: اتخاذ إجراءات إستباقية للحفاظ على الأمن ومنع أي خروقات من قبل الإرهابيين، وذلك من خلال المبادرة إلى تنفيذ ضربات، وليس الإكتفاء بإجراءات المواجهة، خاصة وأن هذه التدابير قد أثمرت واقعاً هادئاً ميّز بيروت عن كل عواصم المنطقة، كما عن العواصم الأوروبية.
وأضاف المصدر الوزاري نفسه، أنه بعد الإتفاق على قانون الإنتخاب، وبدء العمل للورشة الوزارية، فإن الدوائر الديبلوماسية تتابع هذا التطوّر الإيجابي في موازاة الرعاية المباشرة للأوضاع الأمنية. وأوضح المصدر، أن التصعيد الإقليمي ينذر بمواجهة خطيرة في المنطقة بين محورين بارزين، ولكن العمل يجري على بقاء لبنان محيّداً عن هذه المواجهة، وهو ما نجح في تحقيقه، ولو بشكل جزئي، في السنوات الماضية، وشدّد على أن الإتفاق السياسي الداخلي ما زال قائماً، لافتاً إلى أن معظم القوى السياسية قرّرت وضع الساحة اللبنانية خارج دائرة تداعيات هذا الإشتباك الإقليمي، والعمل بالتالي على التعايش معه، ولو جرى على هامشه تسجيل حملات سياسية وإعلامية متصلة بالتصعيد السعودي ـ الإيراني.
وأهم ما يمكن قراءته في التطوّرات الأمنية الأخيرة، بحسب المصدر الوزاري نفسه، فهو أن المعادلة السياسية تتكامل مع المعادلة الأمنية، وذلك بصرف النظر عن الأجندات الإقليمية المحيطة. وأكد أن تصعيد «حزب الله» يندرج في سياق الردّ على الإستهداف الذي يتعرّض له، وبالتالي، فهو لا يتصل بأية معطيات داخلية على الإطلاق. وخلص المصدر، إلى أن التهويل والحديث المتزايد في المنطقة باقتراب موعد المواجهات العسكرية على أكثر من جبهة، وبشكل خاص جبهة الجنوب اللبناني، يأتي في سياق التهديد الإسرائيلي الذي لم يتوقّف في أي يوم ضد لبنان، ولكن من دون أن يعني ذلك أن أي حرب تبدو قريبة في المستقبل المنظور، وبالتالي، فإن معادلة الإستقرار الحاصل جنوباً، هي أولوية حتى الساعة لدى عواصم القرار الغربية، لأن أي حرب إسرائيلية على لبنان ستكون مكلفة للجانب الإسرائيلي، كما أنها ستضرّ بمصالح الدول الغربية، كما أن ما من طرف دولي يملك أي مصلحة في خربطة الإستقرار القائم منذ العام 2006 .