Site icon IMLebanon

«مشكل» التعيينات من الحكومة.. إلى الشارع

فتوى» قد تبقي فاضل في موقعه

يتحسّب ميشال عون لكل الاحتمالات في ما يتعلق بمعركته لاقرار التعيينات العسكرية والامنية، بما في ذلك حصول صدام داخل مجلس الوزراء إذا رسا القرار الحكومي على السير بالجلسات كأن شيئا لم يكن.

الوزير جبران باسيل كان أكد علنا في مؤتمر عقده في الرابية في بداية حزيران «أن اي صدام يحصل داخل المجلس سيكون له تداعيات خارج المجلس».

هل هو الشارع او مزيد من التصعيد السياسي؟ ليس ميشال عون من يكشف أوراقه كلها دفعة واحدة. الأهمّ ان «جلسة رمضان» مهّدت لـ «المشكل» واستفزّت «جنرال الرابية» الى حدّ مجاهرته بأنه لا يخشى حصول «الانفجار»!

السبت المنصرم كان يفترض بوفد «هيئة عكار» في «التيار الوطني الحر» ان ينتقل بالبوسطات الى الرابية للاستماع الى «الجنرال» يؤكد على لازمة «نحن من نمثّل المسيحيين في الحكم ولدينا أرجحية التعيين في أي موقع مسيحي».. لكن هذا الامر لم يحصل.

داخل «التيار» نفسه تبريران متناقضان لما حصل: الاول ان عكار، خزّان الجيش وخزّان «العونيين» فشلت في اختبار الحشد، والثاني تأثيرات شهر رمضان التي قد تحرم في هذه الحالة العونيين غير المسيحيين من المشاركة في رحلة تتطلّب ساعات من عكار الى الرابية. لكن هناك تأكيدات أنه ستكون هناك عجقة وفود مجدّدا باتجاه مقرّ «الجنرال»، فيما تستقبل الرابية اليوم وفدا كبيرا من الجنوب في إصرار واضح على استدعاء الشارع.

كان لافتا بعد المؤتمر الصحافي الناري لعون بعد جلسة مجلس الوزراء صدور بيان عن قطاع الشباب في «التيار الوطني الحر» بكلمات مقتضبة «المطلوب أقصى الجهوزية للدفاع عن الوجود المسيحي في لبنان».

يعكس هذا الواقع جزءا من مسلّمات من يعاير عون بأن رهانه على الشارع هذه المرّة ليس في محلّه. وما ينطبق على مفهوم الشارع، برأي هذا الفريق، ينطبق ايضا على استراتيجية رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» في خوض معركة التعيينات العسكرية.

عمليا، يتّهم ميشال عون بأنه يخطئ كثيرا حين يصوّب سهامه نحو قائد الجيش جان قهوجي فيما مشكلته ليست معه بل مع «مراكز القرار» المانعة لتزكية خياره في قيادة الجيش، خصوصا انه يستحيل فصل هذا الاستهداف عن واقع المؤسسة العسكرية ككل طالما ان جزءا من الانتقادات العونية يطال ليس فقط كون قهوجي «شريكا في لعبة التمديد» بل أداءه على رأس المؤسسة.

يقول الفريق المؤيّد لهذه المقاربة «قائد الجيش بالنهاية هو موظّف حين تعيّن السلطة التنفيذية بديلا عنه يذهب الى منزله وحين تتقاطع مصالح القوى السياسية بالتمديد له يستمر في مهامه من دون ان يلتفت الى الوراء».

لكن هذه السلطة تحديدا لا تزال تتصرّف على أساس ان التمديد هو «الحلال» بحدّ ذاته منطلقة من واقعي غياب رئيس الجمهورية والوضع العسكري الدقيق والحسّاس على الحدود الشرقية.

ويضيف «لنفترض ان اغلبية المكوّنات الحكومية تشبّثت منذ البداية برأيها بعدم تعيين قائد جيش جديد في الظرف الحالي، واتّخذ العماد قهوجي بالمقابل قرارا صارما بخلع البزة العسكرية فور إحالته الى التقاعد وعندها سيستلم رئيس الاركان القيادة بالوكالة او الضابط الاعلى رتبة، فهل ستكون المشكلة بقهوجي ام بمجلس الوزراء الذي تخلّى اصلا عن مسؤولياته. أقلّه تبقى قيادة الجيش في هذه الحالة في الملعب المسيحي؟».

هكذا لا يكمن الامر، برأي هؤلاء، في رغبة شخصية محض من قائد الجيش يفرض من خلالها على وزير الدفاع تأجيل تسريحه باقتراح مقدّم من الاول وفق المادة 55 من قانون الدفاع، بل في المنظومة السياسية شبه المتكاملة والمتراصة التي تدفع، ولا تزال، بهذا الاتجاه. يضاف ذلك الى الاحتضان اللافت لقهوجي من الداخل والخارج، تحديدا بعد نكسة عرسال في الثاني من آب الماضي.

وبين الزيارة الاستثنائية لرئيس الحكومة الى غرفة العمليات العسكرية في اليرزة واستخدامه قيادة الجيش منصّة للردّ على طروحات عون، والزيارة غير المسبوقة للمنسّقة الخاصة للامين العام للامم المتحدة سيغريد كاغ الى عرسال وما حملته من رسائل دعم للمؤسسة العسكرية ودورها المحوري، سلسلة من المؤشّرات التي تعزّز خيار الضرورة بالرهان على الجيش.. بقيادته الحالية.

ولن يكون مجرد تفصيل ان ما كان ينتظره ميشال عون، عبر وزيريه في الحكومة، من إجابة عن سلسلة اسئلة حول ما اتّخذه الجيش من إجراءات بناء على قرار مجلس الوزراء الاخير بشأن عرسال وجرودها، قد سمعه من الموفدة الدولية، عبر بيان مديرية التوجيه، الذي عكس موقف كاغ باعتبار وجود الجيش في عرسال «هو خط تماس بالنسبة الى لبنان.. وأوروبا»!

تقريبا، الجميع قال كلمته في التمديد «المقبل» على جمهورية الفراغ بغطاء كامل من الرئيسين تمام سلام ونبيه بري ووليد جنبلاط عمليا والوزراء الـ 18 في الحكومة الذين يعاندون «تيار التعيين».

لا رهان العونيين على التمايز بين فريق فؤاد السنيورة في بيروت وفريق سعد الحريري سيغيّر في المكتوب، ولا مشروع التمرّد من داخل الحكومة سيوقف قطار المتمسّكين بالقيادات الامنية الممدّد لها.

أهم من ذلك، ثمّة معلومات تؤكّد بأن وزير الدفاع قد وقعّ فعلا القرار بتأجيل التسريح مجددا لكل من رئيس الاركان وليد سلمان والامين العام للمجلس الاعلى للدفاع (مدّد له في شباط الماضي لستة اشهر فقط) وقائد الجيش. لكن يبقى توقيت الاعلان الذي سيتمّ بشكل مؤكد قبل السابع من آب تاريخ نهاية ولاية رئيس الاركان الممدّدة لسنتين مع قائد الجيش.

أما استحقاق مديرية المخابرات فيقاربه ميشال عون عن بعد، منطلقا من اعتبار ان هذا الاستحقاق مجرد تفصيل بسيط وسط معركة كبرى عنوانها الشراكة والحقوق المسيحية.

هو طبعا مع التعيين لكن ليس «تعيين سولو». يقول عون في مجالسه الخاصة «كيف يمكن تبرير تعيين مدير مخابرات جديد (يتمّ بقرار من وزير الدفاع بناء على اقتراح قائد الجيش) وعدم حصوله على مستوى قيادة الجيش والمجلس العسكري ومديرية قوى الامن الداخلي ومجلس القيادة؟ وكيف كان تعيين بديل عن فاضل العام 2013 أمرا متعذرا والان اصبح ممكنا؟.

عمليا، وفيما لقهوجي وميشال سليمان مرشّحوهم لمديرية المخابرات فإن عون له مرشّحه أيضا. هو يرفض بشكل قاطع خيار العميد كميل ضاهر الذي يزكّيه قهوجي. ويعتبر ان اي اسم يطرحه ميشال سليمان، أكان العميد وديع الغفري او العميد فادي داوود، كاف لـ«حرقه». يؤيّد عون اسم العميد كلود حايك مدير الافراد في الجيش، لكنه عمليا لم يدخل حتى اللحظة في بازار الاسماء. والادق القول أنه مبعد عن هذا الملف.

لكن برغم وفرة الاسماء، ثمّة من يشير الى احتمال بقاء فاضل في موقعه مديرا للمخابرات حتى بعد نهاية سنوات خدمته، ليس باستدعائه من الاحتياط كمدني بل بترقيته الى رتبة لواء (بقرار من مجلس الوزراء) مما يتيح له البقاء سنة إضافية في الخدمة لتصبح 43 عاماً!