IMLebanon

مشكلة «اللوائح» تتفاقم بين الخارجية ومفوّضية اللاجئين

كيف يحدث أن يحمل «نازح» سوريّ بطاقة نزوح وهو مزوّد في الوقت ذاته بإقامة للعمل؟ سؤال يطرحه وزير الخارجية والمغتربين في أكثر من مناسبة. هو الذي عاد من مؤتمر برلين المختص بالنازحين السوريين في دول الجوار مقتنعاً بأنّ مسألة النزوح السوري «لغم» حقيقي مزروع في لبنان، وخصوصاً بعد الذي عاينه من «أفخاخ» احتواها المؤتمر ذو الواجهة الإنسانية، خصوصاً في التوصيات الختامية التي خضعت لتعديلات أساسية من الخلية الديبلوماسيّة في وزارة الخارجية.

هذا السؤال يستتبع أسئلة أخرى تتعلّق خصوصاً بالمفوّضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتّحدة والتي تعمل بموجب اتفاقية موقعة العام 2003 مع المديريّة العامة للأمن العام اللبناني والتي تعهّدت المفوضية بموجبها تقديم كشوف عن أنشطتها كل ثلاثة أشهر. هذا نظرياً، أما الواقع فهو أنه ثمّة «مفاوضات شاقّة» تجري منذ قرابة الـ6 أشهر مع المفوّضية لإقناعها بتسليم لوائح ومعلومات عن بعض النازحين تحتاج اليها الدولة اللبنانية، وهي لم تصل بعد الى خاتمة سعيدة.

ثمّ يحدث أن يزور ديبلوماسيون «قصر بسترس» ويشكون بأنّ الأموال اللازمة لتقديم المساعدات للنازحين السوريين لا تتعدّى الـ40 في المئة من الاحتياجات المطلوبة، ويأتي الجواب الديبلوماسي: لم لا تساعد هذه الجهات على تخفيض عديد النازحين السوريين في لبنان وقد قدّمت وزارة الخارجية اقتراحات عملية عدّة في هذا الخصوص، منها على سبيل ما اقترحه باسيل على المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في برلين أثناء غداء خاص بإنشاء «مناطق هادئة» يعود اليها النازحون السوريون؟ ومن الأمثلة التي قدمها بأنّ محافظة حمص مثلاً إذا ما تمتعت باتفاق دولي حولها فهذا يتيح عودة السوريين اليها.

لم تحصل الخارجية اللبنانية على جواب مقنع بعد، لا من المفوضية العليا التي لا تتعاون بالشكل المطلوب بل تمضي بتسجيل اللاجئين ضاربة عرض الحائط الورقة اللبنانية المطالبة بتخفيض عدد هؤلاء ومتخطية ما وقعت عليه في ورقة التفاهم، ولا من الجهات الدولية التي لا تقوم إلا بـ«النقّ» على ضآلة الموارد المالية.

من هنا تتسلّل أصوات ديبلوماسيّة لا تتردّد في التهديد المبطّن بأنّ عدم التزام المفوضية العليا للنازحين بصلاحياتها وبالتعاون مع الدولة اللبنانية، سيخلق لها مشكلة مع وزارة الخارجية اللبنانية.

بالرغم من كل شيء فإنّ وزارة الخارجية المعنية بالتنسيق في هذا الملفّ مع وزارة الداخلية وسواها من الوزارات، وهي ضمن اللجنة المختصة بالنازحين، تشير الى وجود نيات حسنة في الداخل اللبناني لا ترقى إليها الشكوك، لكنّ ثمّة صعوبات موضوعية لا يمكن تجاوزها منها العدد الضخم للنازحين وضعف مؤسسات الدّولة.

يؤكد وزير الخارجية جبران باسيل في مجالسه الخاصّة أن لا أحد يرغب بطرد النازحين السوريين، كما يوحي البعض، وهو ما أكده للسفير الفرنسي باتريس باولي الذي زاره أمس، لكنّ الوزارة تقول إن للنزوح شروطاً منها ما يتعلق بالوضعين السياسي والاجتماعي للنازح السوري وبالسلوك الذي يتّبعه في لبنان، فإذا كان ثمّة أشخاص يقصدون القصير مثلاً ويعودون منها دورياً فلمَ يكتسبون صفة نازحين؟ عندها يجب نزع بطاقة النّزوح منهم، بحسب ما يقول وزير الخارجية جبران باسيل الذي يشدّد على ضرورة تطبيق السياسة التي اعتمدتها الحكومة اللبنانية في هذا الخصوص.

ويتساءل باسيل عن مردّ العدد الضئيل للنازحين المعاد توطينهم في البلدان الأوروبية الذين لا يتجاوز عددهم الـ6603 نازحين سوريين (ما يشكّل 0,2 في المئة من النازحين المسجّلين في لبنان) أعيد توطينهم عبر المفوضية العليا لشؤون النازحين التابعة للأمم المتحدة، في حين لا يتجاوز العدد الذي أخذته كل الدول الأوروبية على عاتقها الخاص هذا العدد بكثير، علماً بأنّ الشروط المتبعة لقبول هؤلاء السوريين هي عالية جدّاً منها ما يتعلق بالطائفة وبالمستوى العلمي العالي.