IMLebanon

إشكاليات التكليف والتأليف تؤخِّر إنجاز التوافق المُسبَق على الحكومة

 

تعيش البلاد حالة ترقب لنتائج الاتصالات السياسية التي تسبق إجراء رئيس الجمهورية ميشال عون الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس للحكومة المقبلة، وترقب لموقف القوى المنضوية في حالة الاعتراض الشعبي عبر الحِراك المستمر منذ اكثر من اسبوعين، لما ستقوم به السلطات المعنية لتلبية مطالب الناس المعيشية والتصحيحية في الاداء الرسمي المشكو منه. ويبدو ان الاطراف السياسية المعنية بتشكيل الحكومة باتت تُدرك اهمية الاستعجال في تحقيق خطوات ملموسة تُرضي الشارع من جهة وتؤمن مصالحها من جهة ثانية، وتشكيل حكومة مقبولة «لكن من دون تسرّع» كما قال المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية، بحيث يتم التوافق المسبق على كل تفاصيل تشكيل الحكومة تكليفاً ونوعية وشكلاً.

 

وإذا كانت المعلومات تشير الى ان الاستشارات النيابية ستجري يوم غد الثلاثاء او الاربعاء، واحتمال ان تكون حكومة تكنو- سياسية من اربعة وعشرين وزيراً، فلا شيء ثابتاً ونهائياً حتى الان، خاصة بعد معلومات لـ«اللواء» بأن التوجه لدى الحزب التقدمي الاشتراكي هو تسمية الحريري لتشكيل الحكومة ولكن عدم المشاركة في الحكومة، لكنه لم يتخذ القرار رسميا بعد.

 

وقالت مصادر قيادية في «التقدمي» لـ«اللواء»: ان الحزب بصدد القيام بورشة داخلية تنظيمية وسياسية وإجراء مقاربات جديدة للاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وهذا لا يتناسب حالياً مع دخول الحكومة. إلا ان المصادر اكدت ان القرار لا يزال موضع تشاور داخلي.

 

وعما اذا كان الحزب يعتقد ان الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري يمكن ان يسيرا بحكومة من دون الحزب التقدمي؟ قالت المصادر: هذا رهن بالتطورات التي يمكن ان تنجم عن المشاورات السياسية الجارية، وكيف ستكون الحكومة.

 

وفي غضون ذلك، تواصلت المشاورات السياسية بين قصور بعبدا وعين التينة وبيت الوسط عبر وسطاء لعل ابرزهم نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي والمعاون السياسي للرئيس بري الوزير علي حسن خليل، اللذين التقيا الاسبوع الماضي الرئيس الحريري، للوقوف على رأيه في موضوع التكليف والتأليف، بينما دلّ البيان الصادر عن المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية على ان الرئيس عون يتمهل في تحديد موعد للاستشارات النيابية، الى حين نضوج الاتصالات والتوافق المسبق على كل تفاصيل عملية تشكيل الحكومة، تلافياً للوقوع في محظور نجاح التكليف وتعثر التأليف.

 

وتشير مصادر رفيعة المستوى متابعة للاتصالات، الى ان كل الخيارات لا زالت مفتوحة بين تكليف الحريري شخصيا او الاتفاق على شخصية مقربة منه او تحظى بموافقته، وبين شكل الحكومة وتوزيع القوى فيها وتوفير التوازنات، مع مراعاة ان الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد يفرض اجراءات ومقاربات استثنائية وتضحيات او تنازلات للخروج من المأزق.

 

وتقول مصادر اخرى مطلعة على موقف الحكم، ان نظامنا اللبناني برلماني ديموقراطي توافقي وميثاقي، ويجب ان تتوافر كل هذه العناصر من اجل إنتاج تسوية سياسية مقبولة من القوى السياسية ومن الشارع ايضاً. خاصة ان الشارع منقسم الان شارعين، مع نزول محازبي «التيار الوطني الحر» الى الشارع بكثافة لافتة للانتباه امس، بوجه الشارع الاخر السياسي – الشعبي – الذي يطالب بعضه بسقوط العهد. ثم ان الكل يقول باختيار اشخاص اكفاء، لكن من يسمّيهم.

 

وهناك من يقول ان الرئيس الحريري سيطرح هذه المرة شروطاً او معاييرَ جديدة لتشكيل حكومته، ويُحدد برنامجها وفق رؤيته الاصلاحية الانقاذية السريعة، لكن السؤال: هل تناسب هذه المعايير مصالح كل الاطراف السياسية؟. كما قالت مصادر رسمية: ان حكومة السياسيين بالكامل يرفضها الرئيس الحريري، وحكومة التكنوقراط الصافية يرفضها عدد من الفرقاء السياسيين، والحكومة المطعمة تكنو- سياسية دونها عقبات، تتعلق بنوعية ودرجة السياسيين المشاركين، هل يكونون من الصف الاول ام من الصف الثاني؟ واذا كانوا من الصف الاول هل يتم التوافق على اسمائهم في ظل الكلام عن وزراء مستفزين ووزراء غير مستفزين؟

 

واضافت المصادر: وفي حال التفاهم على الحكومة المختلطة، من سيختار الوزراء التكنوقراط، وما هي المعايير، وكيف ستوزع الحقائب عليهم، في ظل التنافس المستمر بين القوى السياسية على الحقائب ولا سيما «الدسمة» منها؟ كما يُطرح السؤال ذاته حول الوزراء السياسيين.

 

وثمة مشكلة أخرى تتمثل في موقف ثنائي «حزب الله وحركة أمل»، بعد تردد معلومات عن رفض الحزب تشكيل حكومة تكنوقراط، فيما الرئيس نبيه بري لا زال يحاول تدوير الزوايا الحادة وتوفير التوافق حول شخص الرئيس المكلف وشكل الحكومة، ولم يصدر عنه موقف حول حكومة التكنوقراط الصافية.

 

وفي السياق، اوضحت مصادر نيابية في تكتل لبنان القوي لـ«اللواء» ان الشروط الموضوعة لتشكيل الحكومة كإبعاد هذا او ذاك من التشكيلة، وفرض نوعية معينة وشكلا معينا للحكومة، لا يمكن ان توفر اجواء ملائمة لتشكيل الحكومة ولنيلها ثقة المجلس النيابي في حال تشكيلها. وقالت: ان الميثاقية تفرض تسمية الرئيس الحريري لتأليف الحكومة كونه الاول في الطائفة السنية والموقع الرئاسي محفوظ له بتسليم من كل الاطراف، لكن التوازنات السياسية والطائفية داخل المجلس النيابي مع وجود اكثرية معروفة تفترض عدم وضع شروط منه لإنجاح مهمته بتشكيل الحكومة، فلا يجوز ان يحصل الحريري على التكليف ويأخذ تسعة اشهر في التأليف، لذلك اذا اراد الحريري نجاح مهمته وبسرعة عليه ان يتواصل مع كل الاطراف المعنية بتشكيل الحكومة لا ان يضع شروطاً مسبقة.