Site icon IMLebanon

إجراءات «جدّية» للجيش في عرسال وتغييرات في القيادات الميدانـية

بدأ الجيش اللبناني في الأيام الماضية سلسلة إجراءات «جديّة» في منطقة عرسال تستهدف الحدّ من وصول الإمدادات، لا سيّما التموينية والمحروقات، إلى المجموعات الإرهابية في الجرود. وعمد الجيش إلى قطع أغلبية الطرقات التي تصل عرسال بجرودها بالسواتر الترابية والحجارة لفصلها نهائياً عن الجرود، مع إبقاء معبري «وادي حميد» و«المصيدة» مفتوحين أمام أبناء البلدة للتوجه إلى مقالع الحجارة، وبقاء الحواجز على المعبرين لضبط حركة الأفراد والبضائع.

وبدا لافتاً أن الإجراءات الأخيرة أتت في سياق قرار حكومي واضح بتضييق الخناق بشكل جدي على المسلحين، بعد كمين الأسبوع الماضي الذي استشهد على إثره ستة عسكريين وانفجار عبوة ناسفة في اليوم التالي، أدت إلى استشهاد الخبير العسكري الرقيب محمود نور الدين، وكذلك إقدام الإرهابيين على إعدام الدركي الشهيد علي البزّال.

كلّ هذا لا يلغي التباين الذي كان سائداً على الأرض في الفترة الأخيرة. فقد سبق أن أعلن الجيش أكثر من مرة فصله الجرود عن عرسال بالقوات البرية والحواجز، كذلك بالسيطرة النارية، بعد أيام من المعارك التي تلت غزو الجماعات الإرهابية لبلدة عرسال في الثاني من آب الماضي. وعلى ما أُشيع، فإنه تم قطع أغلبية طرق الإمداد والمؤن عن الإرهابيين في الجرود، لزيادة الضغط عليهم والتخفيف من عوامل صمودهم في فصل الشتاء.

ما الفرق إذاً بين إجراءات ما بعد معركة عرسال والإجراءات الأخيرة؟ وهل فعلاً تمّ التضييق على الإرهابيين في المرحلة الأولى؟

على رغم أن أي جيش لا يستطيع ضبط حالات التهريب بشكل كامل، خصوصاً في منطقة جردية واسعة، إلّا أن التطورات الأخيرة رفعت سقف الانتقادات التي كانت توجّه بصمت إلى أداء بعض القيادات العسكرية الميدانية، على خلفية عدم تضييق الخناق بشكل جدي على الإرهابيين، وبقاء بعض خطوط الإمداد بالمؤن والمحروقات مفتوحة، فضلاً عن المساعدات التي أوصلها الموفد القطري، السوري أحمد الخطيب، إلى الإرهابيين في زيارات متعددة.

ولم يقتصر الانتقاد على اعتراض ضباط من استخبارات الجيش على عدم جدية إجراءات بعض الوحدات البرية، بل وصل الأمر بالرئيس نبيه برّي وبعض الوزراء إلى توجيه رسائل علنية الأسبوع الماضي بضرورة تنفيذ الإجراءات بالشكل المطلوب، وعزل الجرود عن عرسال. وتشير المعلومات الأمنية إلى أن الإرهابيين تمكنوا من إعادة بناء وضعية أمنية وعسكرية داخل البلدة، بعد أن كان الجيش قد ضرب الوضعية القديمة في آب الماضي.

وإضافة إلى الإجراءات الميدانية، يجري الجيش سلسلة تغييرات في القيادات الميدانية، لا سيّما قيادة اللواء الثامن المسؤول عن منطقة عرسال، إذ نقل العميد عبد الكريم هاشم من قيادة اللواء إلى رئاسة جهاز المراسم في قيادة الجيش، وعُيّن العميد محمد الحسن قائداً للواء الثامن مكانه. كذلك يُنقل عن العميد علي مراد، قائد فوج الحدود البرية الثاني، قوله أمام من يلتقيهم إنه سيترك قيادة الفوج قريباً. غير أن مصادر عسكرية رسمية نفت لـ«الأخبار» أن تكون المناقلات الجديدة متعلّقة بالأحداث، «التشكيلات عادية وبعيدة عن أي تطورات». وأضافت أن «أداء قائد اللواء الثامن كان ممتازاً في معركة عرسال وما بعدها، حيث تم اعتقال أكثر من مطلوب خطير وإحباط عمليات تسلل وكشف متفجرات، والكلام الآخر غير دقيق». وأكدت المصادر أن «الجيش أغلق في السابق 80 في المئة من الممرات إلى الجرود، وترك الباقي مفتوحاً تحت مراقبته لتسهيل وصول الأهالي إلى أرزاقهم، ومع حلول الشتاء انتفت الحاجة إلى طرقات الجرود، فعمد الجيش إلى إغلاق أغلبيتها مع مراقبة مشددة للمعبرين المتبقيين».