Site icon IMLebanon

وقائع من مماحكات رافقت أزمة النقد اللبناني بين بيروت ودمشق

وقائع من مماحكات رافقت أزمة النقد اللبناني بين بيروت ودمشق

حوار صعب بين التيارات والأحزاب والقيادات اللبنانية

والجمهورية بين رئيس عابر للخلافات وقائد يرسم الطريق الى السيادة

هبطت حرارة المعركة الرئاسية الأولى، الى أدنى مستوياتها، وانشغل السياسيون بمعارك سياسية أخرى، أقربها توجيه اللوم الى الرئيس العماد ميشال عون، أو مواصلة الحملة على حزب الله، خصوصاً لمشاركته في الحرب الجارية في سوريا.

حدث هذا الفوران الفكري، في وقت ارتفع فيه منسوب الحوار والخلاف النظري، بين تيار المستقبل وحزب الله، ولولا انعقاد جلسة الحوار بين التيار والحزب، لكانت الفجوة قد اتسعت بين الفريقين، الا ان الخصمين اللدودين، بادرا الى تطويق الخلافات، على يد أركان بارزين في الجهتين، وفي لحظات كانت فيها الصقور في الخارج لا في الداخل.

الا ان الحوار الذي استوعب الخلافات، انفجر في جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس الماضي، حول مستقبل الدولة واحتمالات بروز فريق في المستقبل يراهن على السلطة، وفريق في حزب الله ينادي بشرعة القانون، وان كان الاول يتهم الثاني باستغلال قوته العسكرية، للهيمنة على الدولة، وممارسة ضروب من المحاصصات الحزبية والسياسية.

ولعل ما حدث في مجلس الوزراء، يرخي ظلالاً كثيفة على الصراع الصامت حيناً، والصاخب أحياناً، وسط إشاعات تقول ان معظم الافرقاء يراهنون على تسوية آتية من الخارج، بعدما عجز الأفرقاء في الداخل، عن التوافق للإتيان برئيس صنع في لبنان، في حين ان استمرار الحوار بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية يقترب من الإتفاق على اسس تفضي الى رئاسة جمهورية تقود البلاد الى الاستقرار، ولا تتوقف عند مساعي اللقاء التشاوري الذي يهمه إنتخاب رئيس جمهورية، يواصل ما فعله الآخرون، على صعيد ادارة الأزمة لا ادارة البلاد.

وفي حين يركز الأعضاء المستقلون في ١٤ آذار، على اختيار رئيس، ولكل منهم طموحاته وأسبابه، فإن هذا اللقاء جعل أركانه يتنصلون منه تباعاً، ولا أحد منهم يتطلع الى ما هو ابعد من طموحاته.

وفي المعلومات ان ٨ آذار تطرح العماد ميشال عون مرشحاً ثابتاً، لمعركة غامضة التفاصيل والأبعاد، فان القوى الأخرى تطرح بدورها الاسماء الأخرى في بورصة التداول ولعل أبرزها الى جنب العماد ميشال عون الرئيس الشيخ أمين الجميل والنائب طوني فرنجيه، والدكتور سمير جعجع، ولا تغفل الاسماء الأخرى المطروحة في الخفاء وابرزها الاستاذ جان عبيد والسفير اللبناني في الفاتيكان جورج خوري ورئيس المجلس العام الماروني الشيخ وديع الخازن، الذي استطاع ترميم الجسور بين الجنرال والحكيم، عبر اللجنة الفرعية القائمة يوصل ما انقطع بين الرابية ومعراب.

الا ان النقطة الأساسية، هي انتظار ما سيسفر عنه الحوار الأميركي – الإيراني في جنيف بين واشنطن وطهران، والذي قطع ٩٠% من المسافة الفاصلة بين الإتفاق والحوار، على الرغم من الحرب الأميركية التي يشنها الحزب الجمهوري على الإتفاق المذكور، ويتوعد بنسفه وابطاله، بعد انتهاء ولاية الرئيس باراك أوباما، وعودة جمهوري الى المقام الذي خسره الرئيس جورج دبليو بوش، واحتفظ به على مدى دورتين الرئيس أوباما.

الا ان الديمقراطيين اصابتهم صدمة سياسية عندما خرج رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو بنصر كبير في الإنتخابات الإسرائيلية الأخيرة.

ما هي النتائج المتوقعة لهذه التطورات؟

والجواب يكمن في الحوار الصامت بين أركان بارزين في تيار المستقبل واركان معروفين في التيار الوطني الحر وبروز عطف قديم على ثلاثة عناوين بارزة:

الاول: هو ارتفاع أسهم الرئيس العماد عون في المعركة، خصوصاً بين المستقبل والجنرال.

الثاني: ارتفاع اسهم المرشح التوافقي الذي يجسده الوزير السابق جان عبيد.

الثالث: هو اللقاء الذي جمع في باريس بين وزير الخارجية الاميركي جون كيري ورئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر ورئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن في العاصمة الفرنسية.

وقد حرص الفريقان على ابقاء اللقاء، في حدود غير واسعة، لئلا يتعرض للتأويلات، الا ان الأوساط المواكبة للتحركات الاميركية، دعت الى التفكير في هذه الخطوة، عشية البحث في الإنتخابات الرئاسية.

ويقول مرجع سياسي ان حظوظ الرئيس عون تكبر، اذا ما قرر المتنافسون الكبار في حزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل، لكنها تخف في حال كبرت التباينات بين هذه الأفرقاء.

ولا يستبعد المرجع ان عودة الروح الى الحوار السعودي – الايراني تمهد لدور سعودي على الصعيد الرئاسي، ودور ايراني على الصعيد السياسي، خصوصاً في اثناء معالجة الأزمة المتفاقمة في سوريا، والخلاف الذي يهبط حيناً، ويرتفع احياناً، بالنسبة الى مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد.

الا ان في لبنان، اصراراً سياسياً على حل سياسي، يعيد الدور الريادي الى الرئيس اللبناني المقبل، من دون التوقف عند التفاصيل التي قررها اتفاق الطائف بالنسبة الى الصلاحيات المحددة للرئاسات الثلاث.

أزمة النقد اللبناني

في العام ١٩٤٧ برزت المشاكل الإقتصادية، مع بروز الازمات القومية، كما تبرز الآن مع بروز الأزمة الرئاسية، وكان الرئيس بشارة الخوري حريصاً على الاستعانة بخبير دولي تعهد اليه مهمة تنظيم الإقتصاد اللبناني.

واشتهر في تلك الحقبة الخبير الدولي بول فان زيلاند العالم الاخصائي في شؤون المال والنقد والرئيس السابق لحكومة بلجيكا، وقد استدعته الحكومة اللبنانية من أجل هندسة المرحلة المالية الجديدة في لبنان، بعد اخلال فرنسا وبريطانيا باتفاق ٢٥ كانون الثاني ١٩٤٥.

أين كان الإخلال وماذا قال فان زيلاند؟

كان النقد اللبناني، بموجب الإتفاق المالي الذي جدده المجلس النيابي سنة ١٩٣٧ مربوطاً بالفرنك الفرنسي لمصلحة بنك سوريا ولبنان. وفي معزل عن الطرف اللبناني، شاءت الحكومتان البريطانية والفرنسية، أن تعقدا فيما بينهما اتفاقاً جديداً شمل الفرنك الفرنسي والليرة الاسترلينية، بالاضافة الى الفرنك الفرنسي والليرة اللبنانية، وإمكان استبدال الليرة اللبنانية بالعملة الإنكليزية. وكان من نتائج الإتفاق إنزال سعر العملة الفرنسية، دون أن يمس تخفيض سعر الفرنك الفرنسي العملتين الأخريين، وقد اعترض الشيخ بشارة الخوري ورياض الصلح على جانب واحد في هذا الاتفاق، وهو أنه جرى في غياب الطرف الثالث الذي هو لبنان وسوريا. أما ما تبقى من الإتفاق فكان موضع قبول ورضا عند لبنان وسوريا، لأنه لا يمس أمنهما المالي بشيء. إلا ان الحكومتين اللبنانية والسورية أرادتا الإنضمام الى هذا الإتفاق لتسجيله كوثيقة مالية تاريخية، وجرى التشاور في هذا الموضوع بين الشيخ بشارة ورياض الصلح والرئيس شكري القوتلي ورئيس الوزراء جميل مردم بك، واختير نائب رئيس الوزراء ووزير العدل حبيب أبو شهلا ليذهب الى دمشق ويوقع على الوثيقة المشتركة.

كان ذلك يوم الخامس والعشرين من كانون الثاني ١٩٤٨، وهو الشهر الذي تتساقط فيه الثلوج وتتراكم عند منطقة ضهر البيدر، فتجعل العبور من والى دمشق شبه مستحيل. فكيف إذا ترافق تساقط الثلوج مع عاصفة عاتية كالتي صادفت حبيب أبو شهلا، وهو في طريقه من دمشق الى بيروت بعد التوقيع؟!

لقد حوصر حبيب أبو شهلا بالثلوج والعاصفة وعز عليه الإفلات من قبضة الأبيض الجبار، ولم يكن في الإمكان ترك نائب رئيس الوزراء تحت رحمة الجنرال ثلج، واتفق وزير الداخلية والصحة كميل شمعون مع الشيخ بشارة ورياض الصلح على إرسال قاطرة الى ضهر البيدر لاسترجاع حبيب أبو شهلا من المصير المجهول.

ولكن التعقيدات ما لبثت أن أتت مع سقوط الفرنك.

لقد أدى هذا السقوط الى استبدال العملة اللبنانية، وهي الليرة، بالجنية الاسترليني بمعدل ٨٨٣ قرشاً عن كل جنيه. إلا أن البريطانيين ما عتموا أن عدلوا الفقرة الخاصة بحرية شراء الجنيه، والكلام للشيخ بشارة في مذكراته، فأصبح هذا الشراء يحتاج الى إجازة خاصة من مكتب القطع البريطاني، وصار الجنيه نقداً نادراً بالنسبة الى العملة اللبنانية، وارتفع سعر الجنيه في السوق السوداء بسبب المضاربة. وهنا يقول الشيخ بشارة: وبعد ذلك أبلغنا الفرنسيون أنهم لم يضمنوا عملتنا من السقوط إلا مرة واحدة وذلك يوم أسقطوا قيمة فرنكهم ووقعوا على اتفاقهم مع البريطانيين، وان هذا الضمان لا يسري مفعوله في المستقبل، مع أن نصه جاء على اطلاقه بدون حصر.

كان على الشيخ بشارة ورياض الصلح أن يستمعا في هذا السياق الى ضيف لبنان الخبير الاقتصادي العالمي بول فان زيلاند. فماذا قال المسيو فان زيلاند؟

لقد أعطى الرجل رأيه في الوضع المالي اللبناني خلال نيسان ١٩٤٧، وهذا الرأي ينقله الشيخ بشارة بقوله:

أفتى أي فان زيلاند بأن النص صريح لمصلحتنا، وأن الضمان غير محدود، ولكننا لا نقدر على منع فرنسا من نقض الاتفاق، وانه في حالة نقضه، يحق لنا مراجعة المحكمة الدولية في لاهاي عاصمة هولندا، وهي إذا أنصفتنا مبدئياً فلا يسعها إلا ان تطلب من الفريقين المتقاضيين لديها أن يصفيا علائقهما باتفاق جديد، وحينئذ نضطر للمفاوضة. فالأحرى بنا والحالة ما ذكر أن نعمد الى مفاوضة فرنسا مباشرة بغية كسب الوقت، وأن نجعل المباحثات تشمل جميع الشؤون المالية والاقتصادية المعلقة بيننا وبينها، فينتج عن ذلك كله استعادة تغطية عملتنا التي هي دين لنا على فرنسا، على مهل معينة.

ومشورة فان زيلاند انسحبت كذلك على الحكومة السورية التي طلبت أن يزورها الخبير البلجيكي، وما قاله الرجل في بيروت قاله أيضاً في دمشق.

وهذه المرة جاءت الصدمة من باريس.

وكان الزمان ٣٠ آب ١٩٤٧، حين عمدت حكومة باريس التي كانت برئاسة بول رمادييه الى إبلاغ الحكومتين اللبنانية والسورية بنقض الإتفاق المالي، فجرى التشاور بين الرئيسين بشارة الخوري وشكري القوتلي حول الموضوع، وتقرر أن يتحفظ كل من الطرفين على هذا النقض غير المبرر والآتي من طرف واحد دون استشارة باقي الأطراف، وكان الحل الخارج عن أية سلبية، هو أن تكون هناك مفاوضة مع الحكومة الفرنسية، وتم تكليف وزير سوريا المفوض في باريس خالد العظم صار رئيساً للوزراء بعد ذلك بالمهمة، وكان على مجلس الوزراء اللبناني أن يختار من يمثله في مفاوضات باريس، فكلف بهذا الدور وزير الخارجية والتربية الوطنية حميد فرنجيه، وسافر الى باريس ليبدأ المفاوضات في منتصف ايلول ١٩٤٧.

لقد وضعت حكومة بول رمادييه عصياً بالجملة في دواليب المفاوضات، فطال أمد المفاوضات، وتشعبت، وخضعت للمماطلة، وكانت العقدة الأولى المعيقة في المفاوضات هي مصارفات جيوش الإحتلال، أي النفقات التي تكبدتها في لبنان، وسوريا، وجرى تقديرها بملايين الفرنكات والجنيهات الاسترلينية، وقد رفضها المفاوض اللبناني حميد فرنجيه جملة وتفصيلاً. وبذلك تفككت المفاوضات، وأعيدت من جديد بدون طلبات تعجيزية. لكن الذي حدث أن خالد العظم الوزير السوري المفوض لم يكن على موجة واحدة مع وزير خارجية لبنان حميد فرنجيه، وذر الخلاف قرنه بين الرجلين، فكان لا بد من استدراك الموقف بجلسة في بيروت حضرها عن الجانب اللبناني الشيخ بشارة، ورياض الصلح، وعن الجانب السوري رئيس الوزراء جميل مردم بك، واتفق الجانبان اللبناني والسوري على تأييد وجهة نظر حميد فرنجيه، وأبلغ خالد العظم بذلك، وكلف المسيو بيسون مدير بنك الإصدار أي بنك سوريا ولبنان الذي كان برئاسة عمر الداعوق ان يسافر الى باريس ويحيط الحكومة الفرنسية علماً بأمر الإتفاق السوري – اللبناني.

وقضى التخريج بما يأتي: إن نظام جميع الشركات المذكورة يجب أن يعدل لينسجم مع الوضع الإستقلالي الجديد ويعرض التعديل على المجلسين النيابيين في كل من الجمهوريتين لإقراره. ووافق جميل مردم ووزيرا المالية والاقتصاد باسم سوريا على النص. وحسب الشيخ بشارة ورياض الصلح أن الأزمة انتهت، وأن صفحة طويت، وصفحة جرى فتحها الآن.

وقبل أن ينتهي اجتماع القصر الجمهوري، أحكم جميل مردم وضع نظارته البيضاء فوق أنفه، ومال على أذن الشيخ بشارة قائلاً:

ما رأي فخامة الرئيس لو تعقد اجتماعاً مع فخامة الرئيس القوتلي وأركان الحكومتين في شتورة، لإعطاء التعليمات الى مندوبنا للتوقيع على الاتفاق المعروض علينا؟

فصمت الشيخ بشارة لحظات ثم قال:

– موافق… وغداً إذا شئت نجتمع!

وتبسم جميل مردم وقال:

– الأمر لا يتحمل الانتظار الى غد.. ومستعدون للاجتماع. ومعنا فخامة الرئيس القوتلي في شتورة بعد ظهر هذا اليوم.

ثم تبسم وقال للشيخ بشارة:

– نصيحة أخوية.. لازم فخامة الرئيس القوتلي ولا تتركه إلا بعد أخذ موافقته على توقيع الإتفاق. والنصيحة بجمل يا فخامة الرئيس.

قال الشيخ بشارة: نصيحتك غالية وسأتصل بفخامته على الفور.

ثم نهض الشيخ بشارة الى غرفة داخلية في الطابق الثاني من القصر الجمهوري، واتصل بالرئيس القوتلي من التلفون الخاص، أو ما يسمى بين رؤساء الدول بالتليفون الأحمر، ودعا الرئيس السوري الى الاجتماع في فندق مسابكي عند منطقة شتورة الساعة الخامسة بعد الظهر. ووعد القوتلي بتلبية الدعوة.

وعمد الشيخ بشارة باقتراح من رياض، الى الاتصال بنسيبه المفكر السياسي والاقتصادي ميشال شيحا للإنضمام الى الوفد في شتورة، وعرض الحجج المالية المطلوبة أمام الرئيس القوتلي. ولكن ميشال شيحا اعتذر عن الحضور، فأمسك رياض الصلح بسماعة التليفون وقال لميشال شيحا:

– إن مصلحة لبنان هي التي تطلبك يا ميشال وليس نحن. وما أضنك تستنكف عندما تدعوك الخدمة العامة.

كذلك أحيط المسيو بيسون علماً بالاجتماع، وتلقى دعوة لحضوره، على أساس أن الرئيسين الخوري والقوتلي قد يطلبان منه توضيح بعض النقاط.

وكان جميل مردم بك على حق حين طلب من الشيخ بشارة ألا يفارق الرئيس القوتلي لحظة.

كان حميد فرنجيه وزير الخارجية ينتظر في باريس الضوء الاخضر للتوقيع على الاتفاق المالي في قصر الكي دورسيه مع وزير الخارجية الفرنسي جورج بيدو. وجاءته البرقية المنتظرة: تستطيع ان توقع الاتفاق بالانفراد عن سوريا!

وكان رياض الصلح هو وزير الخارجية بالوكالة، في غياب الوزير الاصيل حميد فرنجيه. ولذلك كان عليه ان يدافع عن حق لبنان في التوقيع على الاتفاق المالي مع فرنسا، وان يتحصّن باستقلالية القرار، وهذا ما فعله في مؤتمره الصحفي تحت قبّة قصر بسترس، عندما تبلغ الحملة الضارية عليه من نظيره السوري جميل مردم بك، وبتنسيق اوركسترالي مع صحف دمشق، وتجيّشت الصحافة اللبنانية للردّ على الصحافة السورية، وهي المرة الاولى التي يحصل فيها هذا التجاذب الاعلامي بين البلدين. ولكن رياض الصلح، كعادته، ارتدى ثوب الاطفائي، ووقف امام النواب تحت قبة البرلمان يوم ٤ شباط/فبراير ١٩٤٨ ليشرح موقف لبنان المنزّه عن اي رغبة في الخصام مع سوريا، وقال:

– نحن بيت عربي واحد، وحين يختلف الابناء فلا بد ان يعودوا الى بيت الأم، بيت الجامعة العربية، وهي التي تحكم بيننا!

وهكذا ألبس رياض الصلح كعادته دائما النزعة اللبنانية عباءة عربية!

وحاول الرئيس شكري القوتلي ان يخفف من غلواء الحملة التي شنّها على لبنان رئيس الوزراء السوري جميل مردم بك، فأدلى بحديث صحفي اشاد فيه بسياسة بشارة الخوري ورياض الصلح، وكفاحهما المشترك من اجل الاستقلال، والسيادة، وكانت تلك الكلمات هي الجزرة. اما العصا فكانت في ختام التصريح، وهي ان يرفض المجلس النيابي الاتفاق المالي المذكور، ويكون بذلك قد انقذ العلاقات اللبنانية – السورية!

وزاد الموقف بلبلة عندما اقدم اللبنانيون على تبديل الاوراق النقدية السورية المتداولة باوراق لبنانية جديدة، من قبيل ضمانة النقد اللبناني والسوري الذي يحمله اللبنانيون في يوم الاستبدال، وتواترت انباء من باريس بان الحكومة الفرنسية امهلت حكومة دمشق ستة ايام للتوقيع على الاتفاق المالي المبرم مع لبنان، فحكمت الضرورة بتبادل الوفد بين بيروت ودمشق