IMLebanon

قانون الشراء العام: “نصف معالجة” لأزمة التزام البلديات

 

 

مع دخول قانون الشراء العام حيّز التنفيذ، ستخضع كلّ الصفقات العمومية والمشتريات لإشراف هيئة الشراء العام ولجنة اعتراضات بعدما كانت إدارة المناقصات التابعة لهيئة التفتيش المركزي تشرف فقط على 5% من الصفقات العمومية المعقودة لمصلحة إدارات الدولة ووزاراتها، فيما تقدّر وزارة المالية حجم هذه الصفقات بـ13% من الموازنة العامة مع استثناء مشتريات المؤسسات العامة والأجهزة الأمنية والعسكرية، أي الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة، والبلديات والمشاريع المموّلة من الخارج.

 

أمّا أهمية هذا القانون فتكمن في إخضاعه كل إدارات الدولة ومؤسساتها، من دون استثناء، لرقابة هيئة الشراء العام، ولهذا شكّل إقراره إنجازاً صفّق له العديد من السفراء والدبلوماسيين الأجانب والهيئات الدولية الذين يدقّقون في المسار الإصلاحي في لبنان.

 

ولكن سرعان ما علت بعض الأصوات المطالبة بتعليق القانون لا سيما على مستوى البلديات التي تعاني من نقص في هيكلياتها الإدارية، ذلك لأنّ أحكام القانون تفرض على البلديات، كما كلّ الإدارات والمؤسسات العامة، تشكيل لجنتَي تلزيم واستلام، يتألف كل منهما من ثلاثة أعضاء شرط أن يكونوا من موظفي الفئة الثالثة. اذ قرر رؤساء البلديات ضمن قضاء عاليه واتحاداتها، طلب استثناء البلديات من تطبيق قانون الشراء العام، لحين تصحيح الوضع القانوني البلدي، كما تعديل المواد المتعلقة بتشكيل لجان الشراء والاستلام بما يتلاءم مع قانون البلديات (أي بالإبقاء على اللجان ضمن المجالس البلدية المنتخبة) لتسيير المرفق العام، وطلبوا إعادة النظر في طربقة احتساب حقوق البلديات المستحقة.

 

وفي هذا السياق، تقدمت كتلة «اللقاء الديمقراطي» باقتراح قانون معجل مكرر يرمي إلى إرجاء تطبيق قانون الشراء العام في لبنان على البلديات باستثناء بلديات مراكز المحافظات، وذلك بهدف إعطاء مهلة للإطلاع والتحضير لهذا القانون الاصلاحي والضروري لحسن سير العمل والشفافية في الأداء.

 

وبالفعل، فقد سبق لرئيس هيئة الشراء العام الدكتور جان العلّية أن أكد في أكثر من مناسبة وإطلالة إعلامية أنه بصدد دراسة كلّ الثغرات الواردة في القانون والعمل على معالجتها مع مجموعة من القانونيين.

 

ويتبيّن وفق المعنيين أنّ المشرّع أخذ بالاعتبار الأزمة المالية والاقتصادية التي تمرّ بها البلاد كما أخذ بالاعتبار حالة المالية العامة وقرارات منع التوظيف، اذ سمح القانون بممرات خلفية تعالج الشقّ المتعلّق بلجان التلزيم، اذ نصّت المادة 100 من القانون المذكور في فقرتها الثانية على أنّه «قبل شهر تشرين الثاني من كل سنة، تقترح الجهة الشارية لائحة بأسماء موظفين من إدارتها من الفئة الثالثة على الأقل ممن لديهم خبرة مثبتة في مجال الشراء العام و/‏أو من بين المدرّبين عليه أصولاً وفقاً لأحكام هذا القانون، ويقوم بإرسال هذ اللائحة إلى هيئة الشراء العام…» وبالتالي إنّ ذكر المشرّع عبارة «تقترح الجهة الشارية لائحة» فهو لا يُلزم الاقتراح لجميع الجهات الشارية من دون استثناء، بل تقترح الجهات الشارية التي تنطبق عليها شروط هذه الفقرة، أي تلك التي لديها ضمن كادرها الوظيفي موظفون من الفئة الثالثة وما فوق…

 

كذلك، نصّت المادة 100 في فقرتها الثالثة على أنّه «تشكل الجهة الشارية لجنة أو لجان تلزيم لديها، عند تنفيذ خطتها السنوية للسنة المقبلة، من اللائحة الموحّدة من قبل هيئة الشراء العام»… أي أنّ المشرّع ألزم الجهة الشارية اختيار أعضاء لجنة التلزيم من ضمن اللائحة الموحّدة المعتمدة من جانب هيئة الشراء، وليس من ضمن الجهة الشارية نفسها.

 

ما يعني أنّه بإمكان البلديات الصغيرة التي تعاني من نقص في كادرها الوظيفي أن تستعين بلجان تلزيم من اللائحة الموحّدة التي ستعتمدها هيئة الشراء العام بعد عرض الأسماء الواردة إليها على التفتيش المركزي، الهيئة العليا للتأديب، ديوان المحاسبة، من باب التدقيق في سجلات أصحابها من الناحية المسلكية. اذاً، لا مشكلة في لجان التلزيم حيث يمكن للبلديات الصغيرة أن تلجأ إلى اللائحة الموحّدة من دون أن تضطر إلى تسمية لجنة يكون أعضاؤها من موظفيها من الفئة الثالثة غير المتوفرين أصلاً.

 

المشكلة قائمة بالنسبة للجان الاستلام لأنّ النصّ القانوني واضح ويفرض أن تكون هذه اللجان من موظّفي الجهة الشارية حيث سيكون من الصعب تفسير النصّ على نحو أكثر مرونة، وبالتالي يتطلب تعديلاً موضعياً محدوداً بهدف تسهيل تطبيق القانون وليس فتح باب الاستثناءات، كما يرى أحد المعنيين.

 

وإلى حين ذلك، أصدر العلّية أمس قراراً يقول فيه إنّه «إلى حين تشكيل لوائح لجان التلزيم والاستلام، يُطلب الى الجهات الشارية وقبل عشرين يوم عمل على الأقل من تاريخ اجتماع اللجان، ارسال لائحة بأسماء أعضاء هذه اللجان المقترحين وفقًا لأحكام قانون الشراء العام الى هيئة الشراء العام للموافقة عليها بعد عرضها على المراجع الرقابية المختصة وفقًا للاصول».