إننا في لبنان اليوم محكومون بإعادة الهيكلية الداخلية الصارمة، وإعادة بناء الوطن وإدارته من القعر. هذه المتطلبات لم تعد خياراً لكنها أصبحت واجباً، والحل الوحيد لإعادة الدورة الإقتصادية. الترميم ليس صالحاً، لذا علينا البناء من الأساس، والإستراتيجية الأسهل والأفضل والأسرع، وهي أن نعمل عكس الخطط القديمة على نحو 180 درجة من العقود الأخيرة.
سنُركّز في هذا المقال على نقطتين أساسيتين حيال إعادة هيكلة الدولة اللبنانية، وهما: تقليص حجم الدولة، والتركيز على الموارد البشرية المجدية والتي لديها النية الصافية والقدرة التقنية لإعادة البناء على أسس متينة.
إذا ما نظرنا إلى الوراء، بالنسبة الى حجم الدولة اللبنانية مقارنة بالناتج المحلي، وعدد السكان في لبنان، نكتشف بوضوح أنّ هذه الموازنة القديمة وهذا الإستثمار بالموارد البشرية كان هائلاً مع مردود خجول، ليس سراً أنه كان تقريباً 15% من الشعب اللبناني، موظفاً أو مستفيداً بطريقة غير مباشرة من القطاع العام. فحجمُ الدولة كان أكثر بكثير من إمكاناتها الحقيقية، من معاشات أو إعاشات، واستفادات عشوائية بكلفة مرتفعة، ومردود ضئيل.
بكل موضوعية، لن نشمل كل موظفي القطاع العام، ونضع الجميع في سلة واحدة، لكن بعد سنوات من الهدر والفساد، أصبح الموظف المجدي والمنتج والشفاف ضحية، وليس له مكان في هذه الشِباك العنكبوتية.
التوظيف الحقيقي والمستدام كان لسوء الحظ، توظيفاً طائفياً، مذهبياً، حزبياً وخدماتياً وليس لخدمة الشعب، ولا لكي نبني ونؤهّل ونطوّر الدولة اللبنانية، ولم يكن مبنياً على الخبرات والإنتاجية والقدرات والحاجات، بعيداً عن خدمة الشعب، لكن كان مركزاً لخدمة بعض السياسيين ومصالحهم الإقطاعية والإنتخابية والخدماتية والمحسوبيات.
زيادة على ذلك، لا نغضُّ النظر عن بعض الموظفين الذين كانوا يتقاضون رواتب عدة من مؤسسات عامة عدة، حتى أنهم كانوا يجهلون مكان عملهم الأساسي، وحتى أنهم مراراً يكونون خارج الأراضي اللبنانية.
فمن جهة، كيف يُمكن إدارة الدولة بهذا المنطق التخريبي، والإستفادي الأناني؟ وكيف يُمكن للدولة تمويل هذا الحجم غير المجدي ولا المنتج؟
هكذا دُمّرت الدولة وانهار الهرم الوهمي، وبُني الإفلاس والإنهيار والعجز على مدى سنوات عديدة.
إنطلاقاً مما تقدم، إن إعادة الهيكلية الحقيقية وإعادة البناء المتين، والحجر الأساسي للإصلاح، يبدأ من تعزيز واستقطاب أهم الموارد البشرية الكفوءة والمجدية والمنتجة، لبدء هذه الورشة من الأساس.
بدءُ الإعمار هو جذب الناجحين والكفوئين والمبتكرين وخرّيجي الجامعات بتفوق، ليُديروا البلاد، وليس الإتكال على توظيف مَن ليس له عمل، في بعض الخدمات الإجتماعية والحزبية.
لسوء الحظ، بدلاً من أن تكون الدولة تبحث عن أهم الموارد البشرية، لإدارتها الشفافة، أصبحت مؤسسات الدولة هي الملجأ لمن ليس له عمل، ولمن يتّكل على السياسيين، ولمن يريد الإستفادة من الدولة بدلاً من أن يخدم الشعب.
في الخلاصة، إن إعادة بناء الدولة اللبنانية والإقتصاد يبدأ بتقليص حجم الدولة الحقيقي، واستقطاب وتوظيف أهم الموارد البشرية، الأكثر كفاءة ومهارة في تخصصاتهم، لإعادة البناء على أسس جديدة، وإذا بقي السياسيون على النهج والعقلية القديمة نفسها باستعمال الدولة كشركات إجتماعية خاصة بهم، لبعض المساعدات لجماهيرهم، ولمصالح انتخابية مذهبية وحزبية، والوعود والزيادات برواتب وهمية، سنبقى نحفر بالنفق المظلم ذاته.
من دولة المصالح المهترئة إلى الدولة المنتجة
د. فؤاد زمكحل
إننا في لبنان اليوم محكومون بإعادة الهيكلية الداخلية الصارمة، وإعادة بناء الوطن وإدارته من القعر. هذه المتطلبات لم تعد خياراً لكنها أصبحت واجباً، والحل الوحيد لإعادة الدورة الإقتصادية. الترميم ليس صالحاً، لذا علينا البناء من الأساس، والإستراتيجية الأسهل والأفضل والأسرع، وهي أن نعمل عكس الخطط القديمة على نحو 180 درجة من العقود الأخيرة.
سنُركّز في هذا المقال على نقطتين أساسيتين حيال إعادة هيكلة الدولة اللبنانية، وهما: تقليص حجم الدولة، والتركيز على الموارد البشرية المجدية والتي لديها النية الصافية والقدرة التقنية لإعادة البناء على أسس متينة.
إذا ما نظرنا إلى الوراء، بالنسبة الى حجم الدولة اللبنانية مقارنة بالناتج المحلي، وعدد السكان في لبنان، نكتشف بوضوح أنّ هذه الموازنة القديمة وهذا الإستثمار بالموارد البشرية كان هائلاً مع مردود خجول، ليس سراً أنه كان تقريباً 15% من الشعب اللبناني، موظفاً أو مستفيداً بطريقة غير مباشرة من القطاع العام. فحجمُ الدولة كان أكثر بكثير من إمكاناتها الحقيقية، من معاشات أو إعاشات، واستفادات عشوائية بكلفة مرتفعة، ومردود ضئيل.
بكل موضوعية، لن نشمل كل موظفي القطاع العام، ونضع الجميع في سلة واحدة، لكن بعد سنوات من الهدر والفساد، أصبح الموظف المجدي والمنتج والشفاف ضحية، وليس له مكان في هذه الشِباك العنكبوتية.
التوظيف الحقيقي والمستدام كان لسوء الحظ، توظيفاً طائفياً، مذهبياً، حزبياً وخدماتياً وليس لخدمة الشعب، ولا لكي نبني ونؤهّل ونطوّر الدولة اللبنانية، ولم يكن مبنياً على الخبرات والإنتاجية والقدرات والحاجات، بعيداً عن خدمة الشعب، لكن كان مركزاً لخدمة بعض السياسيين ومصالحهم الإقطاعية والإنتخابية والخدماتية والمحسوبيات.
زيادة على ذلك، لا نغضُّ النظر عن بعض الموظفين الذين كانوا يتقاضون رواتب عدة من مؤسسات عامة عدة، حتى أنهم كانوا يجهلون مكان عملهم الأساسي، وحتى أنهم مراراً يكونون خارج الأراضي اللبنانية.
فمن جهة، كيف يُمكن إدارة الدولة بهذا المنطق التخريبي، والإستفادي الأناني؟ وكيف يُمكن للدولة تمويل هذا الحجم غير المجدي ولا المنتج؟
هكذا دُمّرت الدولة وانهار الهرم الوهمي، وبُني الإفلاس والإنهيار والعجز على مدى سنوات عديدة.
إنطلاقاً مما تقدم، إن إعادة الهيكلية الحقيقية وإعادة البناء المتين، والحجر الأساسي للإصلاح، يبدأ من تعزيز واستقطاب أهم الموارد البشرية الكفوءة والمجدية والمنتجة، لبدء هذه الورشة من الأساس.
بدءُ الإعمار هو جذب الناجحين والكفوئين والمبتكرين وخرّيجي الجامعات بتفوق، ليُديروا البلاد، وليس الإتكال على توظيف مَن ليس له عمل، في بعض الخدمات الإجتماعية والحزبية.
لسوء الحظ، بدلاً من أن تكون الدولة تبحث عن أهم الموارد البشرية، لإدارتها الشفافة، أصبحت مؤسسات الدولة هي الملجأ لمن ليس له عمل، ولمن يتّكل على السياسيين، ولمن يريد الإستفادة من الدولة بدلاً من أن يخدم الشعب.
في الخلاصة، إن إعادة بناء الدولة اللبنانية والإقتصاد يبدأ بتقليص حجم الدولة الحقيقي، واستقطاب وتوظيف أهم الموارد البشرية، الأكثر كفاءة ومهارة في تخصصاتهم، لإعادة البناء على أسس جديدة، وإذا بقي السياسيون على النهج والعقلية القديمة نفسها باستعمال الدولة كشركات إجتماعية خاصة بهم، لبعض المساعدات لجماهيرهم، ولمصالح انتخابية مذهبية وحزبية، والوعود والزيادات برواتب وهمية، سنبقى نحفر بالنفق المظلم ذاته.